مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[سبب قيام أهل البيت $]

صفحة 287 - الجزء 1

  السؤال السادس: هَلْ يُوجَدُ نَصٌّ في الْمَذْهَبِ الزَّيْدِيِّ الهَادَوِيِّ يُنَظِّمُ طَرِيقَةَ انْتِقَالِ مَنْصِبِ الإِمَامَةِ عِنْدَهُم مِنْ شَخْصٍ لآخَرَ، دُونَ شُيوعِ الاِخْتِلَافَاتِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ وَالفِتَنِ، وَتَهْدِيدِ مَبْدَأِ الإِمَامَةِ العُظْمَى؟

  الجواب، وَاللَّهُ الهَادِي: أَنَّ الَّذِي يُنَظِّمُ طَرِيقَةَ انْتِقَالِ الإِمَامَةِ عِنْدَهُم مِنْ شَخْصٍ إِلَى آخَرَ هُوَ اقْتِفَاءُ التَّنْظِيمِ الشَّرْعِيِّ، الْمُسْتَمَدِّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، {وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ ٥٠}⁣[المائدة].

  فَمَتَى انْتَهَتْ إِمَامَةُ إِمَامٍ بِمَوْتٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ عَلَى ذَوِي العَقْدِ وَالْحَلِّ مِنَ الأُمَّةِ أَنْ يَنْظُروا مَنْ يَصْلُحُ لِلْقِيَامِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ}⁣[آل عمران: ١٠٤]، {كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ}⁣[آل عمران: ١١٠].

  وَوَجَبَ عَلَى العَارِفِ مِنْ نَفْسِهِ الأَهْلِيَّةَ وَوُجُودَ النَّاصِرِ القِيَامُ.

  فَإِنْ تَمَّ إِجْمَاعُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الأُمَّةِ عَلَى إِمَامٍ ثَبَتَتْ إِمَامَتُهُ، وَوَجَبَتْ طَاعَتُهُ مَا أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى، وَحَرُمَتْ مُخَالَفَتُهُ فِيمَا أَمْرُهُ إِلَيْهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ ø: {أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ}⁣[النساء: ٥٩]، ولقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِمَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ١١٥}⁣[النساء].

  وَالأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ مُقَرَّرَةٌ، لَا مُوجِبَ لِلْبَسْطِ فِيهَا.

  وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ إِجْمَاعٌ، وَوَقَعَ اخْتِلَافٌ وَجَبَ تَحْكِيمُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، كَمَا قَالَ ø: {وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ}⁣[الشورى: ١٠]، {فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا ٥٩}⁣[النساء]، وَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ هُوَ الرَّدُّ إِلَى كِتَابِهِ، وَالرَّدُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ÷ هُوَ الرَّدُّ إِلَى سُنَّتِهِ.

  وَهَذَا هُوَ أَقْرَبُ شَيءٍ لِرَدْعِ الاِخْتِلَافِ وَالفَوْضَى وَالتَّرَدِّي فِي إِثَارَةِ الفِتَنِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ.