[بحث في الشورى]
  أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ عَقْدِ العَاقِدِينَ لأَبِي بَكْرٍ، قَالُوا: وَهُمْ: عُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَسِيدُ بْنُ حُضَيْرِ، وَبَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ.
  وَقِيلَ: سِتَّة، كَالَّذِينَ جَعَلَ عُمَرُ الشُّورَى إِلَيْهِمْ، وَهُمْ: عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوفٍ.
  قُلْتُ: وَالفَرْقُ بَيْنَ القَوْلَيْنِ دَقِيقٌ؛ إِذْ قَدْ عَقَدَ خَمْسَةٌ لِسَادِسٍ فِي الصُّورَتَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ فِي الأُولَى لَمْ يَعْتَبِرْ أَبَا بَكْرٍ فِي الشُّورَى، وَفِي الثَّانِيَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ السِّتَّةِ دَاخِلٌ فِي الشُّورَى، فَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الفَرْقُ.
  وَقِيلَ: يَكْفِي اثْنَانِ، كَسَائِرِ الشَّهَادَاتِ.
  وَعِنْدَ أَهْلِ البَيْتِ $ وَمَنْ وَافَقَهُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ طَرِيقًا إِلَى الإِمَامَةِ.
  وَقَدْ وَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهَا طَرِيقًا إِلَيْهَا بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ ÷؛ أَمَّا عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَ النَّصَّ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فِلأَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ لَمْ تَكُنْ بِمُشَاوَرَةٍ، وَإِنَّمَا بَادَرَ بِالْبَيْعَةِ لَهُ عُمَرُ بِدُونِ شُورَى.
  وَقَدْ صَرَّحَ عُمَرُ نَفْسُهُ بِأَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً، كَمَا رَوَى ذَلِكَ أَهْلُ الصِّحَاحِ وَغَيْرُهُمْ، ثُمَّ عَهِدَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ بِدُونَ شُورَى، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمَا تَرْكُ الشُّورَى بِخُصُوصِهَا.
  ثُمَّ لَمْ يَزَلِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ غَيْرَ عَامِلِينَ بِالشُّورَى فِي تَعْيِينِ الأَئِمَّةِ، وَخُلَفَاءِ الأُمَّةِ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى هَذِهِ الكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَزْعُمُهَا أَهْلُ الأَنْظِمَةِ الْجُمْهُورِيَّةِ.
  وَإِنَّمَا الشُّورَى الَّتِي يُثْبِتُهَا بَعْضُ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الإِسْلَامِيَّةِ هِيَ شُورَى أَهْلِ العَقْدِ وَالْحَلِّ مِنْ أَعْيَانِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ عَلَى حَسَبِ الاِخْتِلَافِ السَّابِقِ فِي كَيْفِيَّتِهَا.
  وَعُمْدَتُهُم: الاِسْتِدلَالُ بِمَا جَرَى يَوْمُ السَّقِيفَةِ، وَيَومُ الشُّورَى.
  وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ.
  أَمَّا مَا يَدَّعُونَهُ مِنَ الإِجْمَاعِ، فَالوَاقِعُ خِلَافُهُ ضَرُورَةً.