مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[بحث في اعتراف ابن تيمية بأصل تسمية الروافض]

صفحة 346 - الجزء 1

  الَّذِي سَمَّاهُمْ بِهِ الإِمَامُ الأَعْظَمُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ @، وَأَنَّهُ سَمَّاهُمْ؛ لِأَنَّهُم رَفَضُوهُ.

  وَلَمْ يَنْقُلْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ أَنَّهُ جَرَى لِلتَّفْضِيلِ أَوِ التَّقْدِيمِ أَوِ الإِمَامَةِ أَيُّ ذِكْرٍ، وَلَا نَقْلُ حَرْفٍ وَاحِدٍ مِمَّا نَقَلُوا إِلَيْهِ اسْمَ الرَّفْضِ.

  وَاعْتَرَفَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى الزَّيْدِيَّةِ، وَاعْتَرَفَ بِعِلْمِهِمْ وَصِدْقِهِمْ وَشَجَاعَتِهِمْ، حَيْثُ قَالَ فِي (الْجُزْءِ الثَّانِي) مِنَ (الْمِنْهَاجِ) (صفح/٦٧)⁣(⁣١): «وَإِنَّمَا سُمُّوا رَافِضَةً لَمَّا خَرَجَ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِالْكُوفَةِ فِي خِلاَفَةِ هِشَامٍ، فَسَأَلَهُ الشِّيعَةُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمَا فَرَفَضَهُ قَوْمٌ. فَقَالَ: رَفَضْتُمُونِي رَفَضْتُمُونِي، فُسُمُّوا رَافِضَةً، وَتَولَّاهُ قَوْمٌ فَسُمُّوا زَيْدِيَّةً؛ لانْتِسَابِهِمْ إِلَيْهِ، وَمِنْ حِينَئِذٍ انْقَسَمَتِ الشِّيعَةُ إلَى: رَافِضَةٍ إمَامِيَّةٍ، وزَيْدِيَّةٍ. إلى قوله: فَالزَّيْدِيَّةُ خَيْرٌ مِنَ الرَّافِضَةِ: أَعْلَمُ وَأَصْدَقُ وَأَزْهَدُ وَأَشْجَعُ». انتهى المراد.

  وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَيْضًا فِي (الْجُزْءِ الأَوَّلِ) مِنَ (الْمِنْهَاجِ) (صفح/٢١)⁣(⁣٢):

  «لَفْظ الرَّافِضَةِ إِنَّمَا ظَهَرَ لَمَّا رَفَضُوا زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ، وَقِصَّةُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَتْ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي آخِر خِلَافَةِ هِشَامٍ.

  قال ابْنُ تَيْمِيَّةَ⁣(⁣٣): قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ: قُتِلَ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ (اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ)، وَصُلِبَ عَلَى خَشَبَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَعُلَمَائِهِمْ، وَكَانَتِ الشِّيعَةُ تَنْتَحِلُهُ.

  قال - أي الشيخُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -: وَمِنْ زَمَنِ خُرُوجِ زَيْدٍ افْتَرَقَتِ الشِّيعَةُ إِلَى: رَافِضَةٍ، وَزَيْدِيَّةٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمَا رَفَضَهُ قَوْمٌ، فَقَالَ لَهُمْ: رَفَضْتُمُونِي، فَسُمُّوا رَافِضَةً؛ لِرَفْضِهِمْ إِيَّاهُ، وَسَمَّى مَنْ لَمْ يَرْفُضْهُ مِنَ


(١) وفي (٢/ ٩٦) ط: (مؤسسة قرطبة).

(٢) وفي (١/ ٣٤)، ط: (مؤسسة قرطبة).

(٣) (١/ ٣٥).