مع ابن تيمية
  قَالَ ابْنُ حَجَر فِي هَذَا الصَّفْحِ: «وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ. إِلَى قَوْلِهِ:
  قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ تَخْصِيصِ قُرَيْشٍ بِالذِّكْرِ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَفْهُومَ لَقَبٍ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ وُقُوعُ الْمُبْتَدَأِ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ بِالْحَقِيقَةِ هَاهُنَا هُوَ الأَمْرُ الْوَاقِعُ صِفَةً لِهَذَا، وَهَذَا لَا يُوصَفُ إِلَّا بِالْجِنْسِ.
  فَمُقْتَضَاهُ حَصْرُ جِنْسِ الأَمْرِ فِي قُرَيْشٍ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَمْرَ إِلَّا فِي قُرَيْشٍ، وَهْوَ كَقَوْلِهِ: «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ».
  وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ فَهْوَ بِمَعْنَى الأَمْرِ، كَأَنَّهُ قَالَ ائْتَمُّوا بِقُرَيْشٍ خَاصَّةً، وَبَقِيَّةُ طُرُقِ الْحَدِيثِ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَى إِفَادَةِ الْمَفْهُومِ لِلْحَصْرِ خِلافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ.
  وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ شَرْطَ الإِمَامِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا، وَقَيَّدَ ذَلِكَ طَوَائِفُ بِبَعْضِ قُرَيْشٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَجُوزُ إِلَّا مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ. وَهَذَا قَوْلُ الشِّيعَةِ.
  إِلَى قَوْلِهِ: وَقَالَتِ الْخَوَارِجُ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ غَيْرَ قُرَشِيٍّ.
  ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ: لَمْ يُعَرِّجِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بَعْدَ ثُبُوتِ [حَدِيثِ] «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»، وَعَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ، وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الاخْتِلَافُ.
  إِلَى قَوْلِهِ: وَقَالَ عِيَاضٌ: اشْتِرَاطُ كَوْنِ الإِمَامِ قُرَشِيًّا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً، وَقَدْ عَدُّوهَا فِي مَسَائِلِ الإِجْمَاعِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ فِيهَا خِلَافٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ فِي جَمِيعِ الأَمْصَارِ.
  قَالَ: وَلَا اعْتِدَادَ بِقَوْلِ الْخَوَارِجِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمُسْلِمِينَ». انْتَهَى الْمُرَادُ نَقْلُهُ.