[كلام لابن تيمية في اصطفاء الله تعالى لبني هاشم]
  وَالْمَعْلُومُ أَنَّ بَني هَاشِمٍ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ، وَأَنَّ أَبْنَاءَ الْحَسَنَيْنِ أَفْضَلُ بَنِي هَاشِمٍ بَعْدَ أَبَوَيْهِم رَسُولِ اللِّهِ وَوَصِيِّهِ وَأُمِّهِم صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامَهُ عَلَيْهِم؛ لاخْتِصَاصِهِمْ بِولَادَةِ الرَّسُولِ ÷، وَالْوَصِيِّ وَالزَّهْرَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُمْ أَفْضَلُ بِني هَاشِمٍ قَطْعًا، بَلْ أَفْضَلُ البَشَرِ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَهَذَا مَعَ مَا وَرَدَ مِنْ وُجُوبِ التَّمَسُّكِ بِهِم، كَمَا فِي أَخْبَارِ الثَّقَلَينِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَالْمُتَمَسَّكُ بِهِ أَفْضَلُ مِنَ الْمُتَمَسِّكِ قَطْعًا، وَكَوْنُهُم سَفِينَةَ نُوحٍ وَالنُّجُومَ وَالأَمَان، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ، الَّتِي فِي بَعْضِهَا التَّصْرِيحُ بِإمَامَتِهِم كَمَا أَوْضَحْنَاهَا فِي (لَوَامِعِ الأَنْوَارِ).
  وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ التَّحَجُّرِ لِلْوَاسِعِ، وَلَا الاحْتِكَارِ، وَلَا الْعُنْصُرِيَّةِ، بَلْ هُوَ امْتِثَالٌ لِمَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ÷، قَالَ ø: {ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ}[فاطر/٣٢]، {وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ}[القصص/٦٨]، كَمَا اخْتَارَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِم، {أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمٗا ٥٤}[النساء]، {فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ}[الكهف/٢٩].
  وَبِهَذَا يُجَابُ عَلَى بَعْضِ الْكُتَّابِ الَّذِينَ أَطْلَعُوا رُؤوسَهُمْ لَمَّا خَلَا لَهُم الْجَوُّ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُمْتَلِئَةِ بِالأَحْدَاثِ، أَمْثَالِ: (مُحَمَّدٍ الأَكْوَعِ)، وَ (عَبْدِاللَّهِ الشَّمَاحِيِّ).
  قَالَ الأَوَّلُ فِي مَوْضُوعِهِ (اليَمَن الْخَضْرَاء) (ص/١٠٣) مَا لَفْظُهُ:
  «وَإِنَّمَا سُمُّوا زَيْدِيَّةً، نِسْبَةً إِلَى الإِمَامِ الأَعْظَمِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ¤ مِنْ بَابِ (التَّغْلِيبِ)، وَإِلَّا فَهُمْ هَادَوِيَّةٌ، أَتْبَاعُ الإِمَامِ الْهَادِي يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَشْهُورِ؛ إِذْ هُم يُخَالِفُونَ زَيْدَ - كَذَا بِغَيْرِ أَلِفٍ فِي كِتَابِهِ -. وَقَالَ: وَإِنَّمَا يُوَافِقُونَ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ:
  الأُولَى: فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ عَلَى الظَّلَمَةِ، وَمُحَارَبَتُهُم لأَجْلِ ذَلِكَ.