مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[كلام آخر لابن تيمية في اصطفاء بني هاشم وتفضيلهم]

صفحة 365 - الجزء 1

  إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ¥ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قُرَيْشًا جَلَسُوا فَتَذَاكَرُوا أَحْسَابَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَجَعَلُوا مَثَلَكَ كَمَثَلِ نَخْلَةٍ فِي كَبْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ÷: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ فِرَقِهِمْ، ثُمَّ خَيَّرَ الْقَبَائِلَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ قَبِيلَةٍ، ثُمَّ خَيَّرَ الْبُيُوتَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ بُيُوتِهِمْ، فَأَنَا خَيْرُهُمْ نَفْسًا، وَخَيْرُهُمْ بَيْتًا»⁣(⁣١).

  قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ هُوَ ابْنُ نَوْفَلٍ⁣(⁣٢).

  الْكِبَا - بِالْكَسْرِ، وَالْقَصْرِ - وَالْكَبْوَةُ: الْكُنَاسَةُ، وَالتُّرَابُ الَّذِي يُكْنَسُ مِنَ الْبَيْتِ ...

  وَالْمَعْنَى: أَنَّ النَّخْلَةَ طَيِّبةٌ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا لَيْسَ بِذَاك، فأَخْبَرَ ÷ أَنَّهُ خَيْرُهُم نَفْسًا وَنَسَبًا»، ثُمَّ سَاقَ فِي الأَخْبَارِ الْمُقْتَضِيَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى، إِلَى قَوْلِهِ: «وَقَدْ بَيَّنَ ÷ أَنَّ هَذَا التَّفْضِيلَ يُوجِبُ الْمَحَبَّةَ لِبَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ لِقُرَيْشٍ، ثُمَّ لِلْعَرَبِ».

  ثُمَّ رَوَى خَبَرًا مِنَ التِّرْمِذِيِّ⁣(⁣٣) بِسَنَدِهِ إِلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ÷ مُغْضَبًا، قال - وَأَنَا عِنْدَهُ -: «مَا أَغْضَبَكَ؟». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا وَلِقُرَيْشٍ إِذَا


(١) الرواية في سنن الترمذي المطبوع بلفظ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ، مِنْ خَيْرِ فِرَقِهِمْ، وَخَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ تَخَيَّرَ الْقَبَائِلَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ قَبِيلَةٍ، ثُمَّ تَخَيَّرَ الْبُيُوتَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ بُيُوتِهِمْ، فَأَنَا خَيْرُهُمْ نَفْسًا، وَخَيْرُهُمْ بَيْتًا».

(٢) «عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، عن: علي، والعباس، وولده عبد الله، وأم الفضل، وميمونة، وغيرهم، وعنه: ابناه إسحاق وعبد الله، وأبو إسحاق [السَّبيعي]، وابنُ جُدْعَانَ، وغيرُهم، وثقه ابن معين وابن المديني وأبو زرعة، توفي سنة أربع وثمانين، احتج به الجماعة». أفاده المولى العلامة فخر الإسلام عبدالله بن الإمام الهادي القاسمي ¤ في (الجداول). وانظر (تهذيب الكمال) للمِزِّيِّ (١٤/ ٣٩٦) رقم (٣٢١٦).

(٣) سنن الترمذي برقم (٣٧٦٧).