(مسائل نص ابن تيمية على أن القول بها من الخطأ المغفور)
  كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، كَمَنِ اعْتَقَدَ ثُبُوتَ شَيْءٍ لِدَلَالَةِ آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ، وَكَانَ لِذَلِكَ مَا يُعَارِضُهُ وَيُبَيِّنُ الْمُرَادَ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، مِثْلَ مَن اعْتَقَدَ أَنَّ الذَّبِيحَ إسْحَاقُ؛ لِحَدِيثٍ اعْتَقَدَ ثُبُوتَهُ، أَو اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى؛ لِقَوْلِهِ: {لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ}، وَلِقَوْلِهِ: {۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ}، كَمَا احْتَجَّتْ عَائِشَةُ بِهَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ عَلَى انْتِفَاءِ الرُّؤْيَةِ فِي حَقِّ النَّبِيِّ ÷، وَإِنَّمَا يَدُلَّانِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ، وَكَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى، وَفَسَّرُوا قَوْلَهُ: {وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ ٢٢ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٞ ٢٣}[القيامة]، بِأَنَّهَا تَنْتَظِرُ ثَوَابَ رَبِّهَا، كَمَا نُقِلَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَأَبِي صَالِحٍ(١).
  إلى قوله: أَو اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَبُ، كَمَا اعْتَقَدَ [ذَلِكَ] شُرَيْحٌ؛ لاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْعَجَبَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ جَهْلِ السَّبَبِ، وَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْجَهْلِ.
  أَو اعْتَقَدَ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ؛ لاعْتِقَادِهِ صِحَّةَ حَدِيثِ الطَّيْرِ؛ وَأَنَّ النَّبِيَّ ÷ قَالَ: «اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إلَيْكَ؛ يَأْكُلْ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ»(٢).
  إلى قوله: وَكَمَا أَنْكَرَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ الْمَعَاصِيَ؛
(١) قال المولى العلامة فخر الإسلام عبد الله بن الإمام الهادي القاسمي ¤ في (الجداول): «مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ، مَوْلَى السَّائِبِ بْنِ السَّائِبِ [المخزومي]، أَبُو الْحَجَّاجِ الْمَكِيُّ الْمُقْرِي الْمُفَسِّرُ صَاحِبُ العَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ، عن: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَجَابِرٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ هَانِي، وَعَنِ الوَصِيِّ #، وَخَلْقٍ، وَعَنْهُ: عَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَالأَعْمَشُ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيلٍ، وَوَلَدُهُ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَخَلْقٌ، قَالَ البُسْتِيُّ: مُجَاهِدٌ ثِقَةٌ بِلَا مُدَافَعَةٍ، أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى إِمَامَتِهِ وَالاِحْتِجَاجِ بِهِ، تُوفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائِةٍ، احْتَجَّ بِهِ الْجَمَاعَةُ». انتهى.
وقال ابن حجر في (التقريب): «ثِقَةٌ إِمَامٌ فِي التَّفْسِيرِ وَفِي العِلْمِ»، وقال الذهبيُّ في (السِّيَر): «الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ وَالْمُفَسِّرِيْنَ، ... ، رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فَأَكْثَرَ وَأَطَابَ -، وَعَنْهُ أَخَذَ القُرْآنَ، وَالتَّفْسِيْرَ، وَالفِقْهَ، ...
وأبو صالح، - هو: ذَكْوَان أبو صالح السَّمَّان الزيات المدني. قال ابن حجر في (التقريب) (١/ ١٦٧): «ثِقَةٌ ثَبْتٌ»، وقال الذهبي في (السير): «القُدْوَةُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ». وقال: «ذَكَرَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ، مِنْ أَجَلِّ النَّاسِ وَأَوْثَقِهِم» ...
(٢) البحث مستوفى حول هذا الحديث ومخرّجيه في (لوامع الأنوار - الفصل الثامن) (ط ١/ ٢/٤٦٠)، (ط ٢/ ٢/٥٠٨)، (ط ٣/ ٢/٥٦٧)، فارجع إليه موفّقاً.