مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[الجواب عن قوله: أن مراد أهل السنة في مسألة الإرادة: أن يكون الله غالبا غير مغلوب]

صفحة 406 - الجزء 1

  (فَرَائِدِ اللآلي)، فَقَدْ أَطْنَبَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ.

  وَمِمَّا وَصَفَهُ بِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالنَّارِ، وَهْوَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَهْوَ أَعْرَفُ بِهِ، فَمَنْ أَرَادَ التَّحْقِيقَ فَعَلَيْهِ بِمُطَالَعَتِهِ.

  وَكَذَا العَلَّامَةُ الْمِفْضَال أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَبِي الرِّجَال فِي (مَطْلَعِ البُدُور) فِي تَرْجَمَةِ الْمُؤَلِّفِ⁣(⁣١).

  وَالْعَجَبُ مِنْ تَنْظِيرِهِ لِذَلِكَ بِتَفْسِيرِ الزَّمَخْشَرِيِّ الَّذِي صَرَّحَ تَصْرِيحًا لَيْسَ بَعْدَهُ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ⁣(⁣٢)، وَكِتَابُهُ مَشْحُونٌ بِذَلِكَ.

  وَلَقَدْ نَقَضَ تَأْوِيلَهُ هَذَا الَّذِي قَصَدَهُ لَهُم بِقَوْلِهِ: «وَلَكِنَّ هَذَا مِنْهُم مُجَرَّدُ لِجَاجٍ، وَشِدَّةُ مِرَاءٍ وَجَدَل ...» إِلخ.

  فَتَدَبَّرْ، وَكُنْ عَلَى حَذَر مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّخَبُّطِ وَالتَّخْلِيطِ العَجِيب، وَخُذِ الثَّمَر وَخَلِّ العُودَ لِلنَّارِ، وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ إِلَى أَقْوَمِ طَرِيق.

[الجواب عن قوله: أَنَّ مُرَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الإِرَادَةِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ غَالِبًا غَيْرَ مَغْلُوبٍ]

  (٣) وَمِنْ (صفح/٢٧٧) قَوْلُهُ: «وَهُنَا تَحْقِيقٌ بَالِغٌ، وَهْوَ أَنَّ مُرَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الإِرَادَةِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ غَالِبًا غَيْرَ مَغْلُوبٍ».

  قُلْتُ: يُقَالُ: أَمَّا هَذَا فَلَا يُخَالِفُ فِيهِ مُسْلِمٌ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ الْمُخَالِفُونَ مَا وَقَعَ النِّزَاعُ، وَلَكِنَّهُم فَرَّعُوا عَلَيْهِ مَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ عَنْهُ، وَهْوَ: أَنَّ كُلَّ وَاقِعٍ فِي العَالَمِ مِنْ حَسَنٍ وَقَبِيحٍ، وَخَيْرٍ وَشَرٍّ، وَطَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ، وَإِيمَانٍ وَكُفْرٍ وَفُسُوقٍ، وَصَلَاحٍ وَفَسَادٍ، وَظُلْمٍ وَإِحْسَانٍ وَعُدْوَان - فَهْوَ بِإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَأَنَّهُ ø لَا يَقْبحُ مِنْهُ قَبِيحٌ. هَذَا مَعُلومٌ عَنْهُم بِالضَّرُورَةِ.

  وَكَمْ لِلْمُؤَلِّفِ مِنْ مُحَاوَلَاتٍ فِي هَذَا الْمُؤَلَّفِ وَغَيْرِهِ لِتَلْفِيقِ الوِفَاقِ، بِتَصَيُّدِ


(١) مطلع البدور (٤/ ١٣٩) رقم الترجمة (١٠٧٤) ط مكتبة أهل البيت (ع).

(٢) في تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَٰهَا تَدۡمِيرٗا ١٦}.