مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع ابن الوزير في إيثار الحق على الخلق

صفحة 410 - الجزء 1

  وَنَفَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُم عِلْمٌ، وَحَصَرَهُم وَقَصَرَهُم عَلَى الْخَرْصِ، وَهْوَ الْكَذِبُ، وَهْوَ يُفِيدُ قَطْعًا أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ إِشْرَاكَهُم، وَإِذَا لَمْ يَشَأْ إِشْرَاكَهُم فَقَدْ شَاءَ هِدَايَتَهُم⁣(⁣١).

  وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَهَذِهِ الْمَسْألَةُ هَفْوَةُ الْمُعْتَزِلَةِ الْكُبْرَى»، وَمُقَابَلَتُهُ إِيَّاهَا بِهَفْوَةِ الْجَبْرِيَّةِ فِي نَفْي الاخْتِيَارِ، فَعَجِيبٌ جِدًّا، وَمَتَى تَأَمَّلْتَ مَا ذَكَرْنَا عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ.

  وَأَيْضًا نِسْبَتُهُ إِلَى الْمُعْتَزِلَةِ، وَهْوَ لِبَعْضِهِم غَيْرُ لَائِقٍ؛ إِذ الْمَقَامُ يَقْتَضِي التَّحْقِيقَ فِي نِسْبَةِ الأَقَوْالِ.

  وَلَقْد نَقَضَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا البَحْثَ كُلَّهُ بِقَوْلِهِ فِي (صفح/٢٩٣): «ثُمَّ إِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ رَجَعُوا إِلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي هَذَا بَعْدَ التَّعَسُّفِ الشَّدِيدِ فِي تَأوِيلِ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَاجْتَمَعَتِ الْكَلِمَةُ فَي الْحَقِيقَةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وعَلَى ما يَشَاءُ لَطِيفٌ، وَمَا بَقِي إلَّا اللِّجَاجُ فِي الْمِرَاءِ بَيْنَ أَهْلِ الْكَلَامِ ...» إلخ كَلَامِهِ.

  ¿ نَقْلُ هَذِهِ الْحَوَاشِي وَقْتَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ يَوْمَ الْجُمعَةِ - السَّادِسَ عَشَرَ - شَهْرَ الْحَجَّةِ الْحَرَام - سَنَةَ (١٣٩٥ هـ)،

  وَهْيَ مُفِيدَةٌ عَلَى (إِيثَارِ الْحَقِّ عَلَى الْخَلْقِ).

  كَتَبَهُ الفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ حَجَر، وَفَّقَهُ اللَّهُ لِصَالِحِ الأَعْمَالِ. آمين.


= والنطق به. والثالث: قوله: {قُلۡ هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمٖ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَآۖ}، وهذا لا يقال إلا للمبطل؛ لأن المبطل يقول ما لا يعلمه.

ورابعها: قوله: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ}، ولا شك أَنَّ هَذَا ذَمٌّ لهم باتِّبَاعِهم الظَّنَّ الَّذِي لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيئًا. وخامسها: قوله: {وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ ١٤٨}، أي تَكْذِبُون، يدل عليه قوله تعالى: {قُتِلَ ٱلۡخَرَّٰصُونَ ١٠}⁣[الذاريات] معناه: لُعِنَ الكذَّابون.

فيدل ذلك على عظم خطأ من يقول بمثل مقالتهم. ولا شَكَّ أَنَّ الْمُجْبِرَةَ يَقُولُونَ بِذَلِكَ ... الخ.

(١) وفي نسخة خطيّة من خط المؤلف (ع) - في هذا الموضع -: [فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا حَمْلُ قَولِهِ تَعَالَى: {فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ} عَلَى مَشِيْئَةِ الإِجْبَارِ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ: بَيَانُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِجْبَارِهِمْ، وَلَكِنَّهُ لَو أَجْبَرَهُم لَبَطَلَتْ حِكْمَةُ التَّكْلِيفِ].