مع العامري في بهجة المحافل
  وَمِنْهُم: مَنْ أَثْبَتَهَا مُحْدَثَةً، وَلَمْ يُبَالُوا بِلُزُومِ حُدُوثِ ذِي الْجَلَالِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ الْمُرْدِي، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ.
  وَمَعَ هَذَا فَقَدْ قَامُوا بِمُنَازَعَةِ العُلَمَاءِ الَّذِين قَرَنَ اللَّهُ تَعَالَى شَهَادَتَهُم بِشَهَادَتِهِ، حَيْثُ قَالَ: {شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ} الآيَةَ [آل عمران: ١٨]، وَلَمْ يَرْضَوا بِالسُّكُوتِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهَالَةِ.
  وَيزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الخَوْضِ فِيمَا لَا يَجُوزُ، وَأَنَّ القَولَ الْحَقَّ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ تَعْطِيلٌ، لَمَّا لَمْ يَفْهَمُوا إلَّا صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ.
  وَمَا أَشْبَهَ تَنْزِيهَهُمْ هَذَا بِتَسْبِيحِ الْبَرَوِيَّة، حَيْثُ قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ قَبْلَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ بَعْدَ اللَّهِ.
  وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الْجَهَالَاتِ وَالضَّلَالَاتِ.
  وَلَمْ يُثْبِتْ عُلَمَاءُ التَّوْحِيدِ إِلَّا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ العَقْلِ وَالنَّقْلِ، وَإِمَامُهُم فِي ذَلِكَ بَابُ مَدِينَةِ الْعِلْمِ، وَلِيُّ الأُمَّةِ، وَالْمُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ بَعْدَ أَخِيهِ ÷.
  قَالَ #(١): (وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الإِخْلَاصُ لَهُ، وَكَمَالُ الإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ؛ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ، فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ، وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ).
  وَقَالَ #(٢): (كَانَ إِلَهًا حَيًّا بِلَا حَيَاةٍ).
  وَقَالَ(٣): (مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ شَبَّهَهُ، وَمَنْ لَمْ يَصِفْهُ فَقَدْ نَفَاهُ، وَصِفَتُهُ أَنَّهُ سَمِيعٌ
(١) (الديباج الوضي) شرح نهج البلاغة للإمام يحيى بن حمزة @ (١/ ١٢٢)، (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد (١/ ٧٢).
(٢) أمالي الإمام أبي طالب # (ص/٢٩٢)، رقم (٢٦٣).
(٣) (التصريح بالمذهب الصحيح) للسيد الإمام حميدان بن يحيى القاسمي @ (ص/٢٢٨) المطبوع ضمن مجموعه. وانظر (شرح الأساس الكبير) للسيد الإمام الشرفي # (١/ ٣٨٤).