[الكلام في الوصاية]
  وَعِنْدَ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِم وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُبَايِعْ أَصْلًا.
  كَيْفَ وَهْوَ مَعَ الْحَقِّ، وَالْحَقُّ مَعَهُ؟
  وَكَيْفَ تُنْكِرُ الوَصِيَّةَ؟! وَهْيَ ثَابِتَةٌ بِالنُّصُوصِ النَّبَوِيَّةِ، وَإِجْمَاعِ أَهْلِ البَيْتِ $، وَأَنْتَ أَيُّهَا الإِمَامُ مِنْهُم، بَلْ لَا تَزَالُ تَقُولُ: وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ÷ فِي جَمِيعِ كُتُبِكَ(١).
  وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ وَهْوَ يَقُولُ مُخَاطِبًا لِأَبِي بَكْرٍ(٢):
  فَإِنْ كُنْتَ بِالشُّورَى مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ ... فَكَيْفَ بِهَذَا وَالْمُشِيرُونَ غُيَّبُ؟
  وَإِنْ كُنْتَ بِالْقُرْبَى حَجَجْتَ خَصِيمَهُمْ ... فَغَيْرُكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ وَأَقْرَبُ
  مَعَ أَنَّ هَذِهِ العِبَارَةَ لَا يَصِحُّ مِثْلُهَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ #؛ لِمَا فِيهَا مِنَ الشَّكِّ فِي إِرَادَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ الْخَيْرَ، وَاحْتِمَالِ أَنْ لَا يُرِيدَ مِنْهُم ذَلِكَ، وَهْوَ عَيْنُ الْجَبْرِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَهْوَ القَائِلُ سُبْحَانَهُ: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ}[البقرة: ١٨٥]، {يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ}[النساء: ٢٦]، إِلَى مَا لَا يُحْصَى مِنَ الأَدِلَّةِ عَقْلًا وَنَقْلًا.
  فَمِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ الْمُتَهَافِتِ لَا يُمْكِنُ صُدُورُهُ عَنْهُ #، وَهْوَ مِمَّا يُحَقِّقُ الوَضْعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الرِّسَالَةِ، وَهْوَ يُنَاقِضُ نُصُوصَهُ الصَّرِيحَةَ حَتَّى فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ نَفْسِهَا.
  *******
= مسند أحمد (١/ ١٧٩) رقم (٢٥) تحقيق: (شاكر)، صحيح ابن حبان (١١/ ١٥٢) برقم (٤٨٢٣). ط: (مؤسسة الرسالة)، وغيرها، وانظر (السنن الكبرى) للبيهقي في (٦/ ٣٠٠).
(١) وللإمام يحيى # كتاب (الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي).
(٢) (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد (١٨/ ٤١٦)، ديوان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # (ص/١٩) ط: (دار المعرفة - بيروت).