[الكلام على حديث «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة»]
مع ابن الأمير في سبل السلام
[الكلام على حديث «لا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ»]
  (١) حَاشِيَةٌ عَلَى قَوْلِ الأَمِيرِ فِي (سُبُلِ السَّلَام): «وَهَذَا مِنْ شُؤمِ تَبْدِيلِ اللَّفْظِ النَّبَوِيِّ بِغَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِتَحْرِيمِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَط، فَعَدَلُوا عَنْ عِبَارَتِهِ إِلَى الاسْتِعْمَالِ، وَهَجَرُوا العِبَارَةَ النَّبَوِيَّةَ، وَجَاءُوا بِلَفْظٍ عَامٍّ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِم ...» إلخ، (صفح - ٢٩)، (قَبْلَ آخِرِ سَطْرٍ بِسَبْعَةِ أَسْطُرٍ)، في (طبع سنة ١٣٥٧ هـ)، (الجزء الأول) شَرْح حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ»(١).
  قُلْتُ: يُقَالُ: حَاشَا عُلَمَاءَ الإِسْلَام، وَذَوِي الْحَلِّ وَالإِبْرَام، وَحُفَّاظَ شَرِيعَةِ سَيِّدِ الأَنَام، عَنْ تَبْدِيلِ اللَّفْظِ النَّبَوِيِّ بِغَيْرِ مَعْنَاهُ، أَوِ الْعُدُولِ عَنْ عِبَارَتِهِ، وَهَجْرِ العِبَارَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَنْ يَجِيئُوا بِلَفْظٍ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِم.
  فَمِثْلُ هَذِهِ القَعْقَعَة، وَالتَّشْنِيعَاتِ الْمُصْطَنَعَة، لَيْسَ مِنْ دَأْبِ الأَعْلَامِ الفُحُول، وَلَا تَنْفُقُ إِلَّا عَلَى قَاصِرِي الأَفْهَامِ وَذَوِي الغُفُول.
  وَالوَاقِعُ وَالْحَقِيقَةُ - عِنْدَ مَنْ لَهُ أَدْنَى بَصِيرَةٍ - أَنْ لَيْسَ الأَمْرُ كَمَا ذَكَر، مِنَ التَّبْدِيلِ وَالْهَجْر، بَلْ مُسْتَنَدُ مَنْ قَضَى بِتَحْرِيمِ الاسْتِعْمَالِ هُوَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ:
  الأَوَّلُ: قِيَاسُ سَائِرِ الاسْتِعْمَالَاتِ عَلَى الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، بِجَامِعِ الْخُيَلَاءِ، كَمَا قَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي نَقْلِهِ، وَالقِيَاسُ طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِ الاجْتِهَادِ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ.
  وَالثَّانِي: بِمَا وَرَدَ مِنْ تَحْرِيمِ الذَّهَبِ، نَحْوُ حَدِيثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ # أَنَّهُ قَالَ: (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ وَفِي إِحْدَى يَدَيْهِ ذَهَبٌ، وَفِي الأُخْرَى حَرِيرٌ، فَقَالَ: «هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لإِنَاثِهَا»، رَوَاهُ فِي (الشِّفَا)(٢).
(١) رواه البخاري برقم (٥٤٢٦)، بلفظ: «لَا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَلَا الدِّيْبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا؛ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ»، وبرقم (٥٦٣٣).
ورواه مسلم برقم (٥٤٠٠)، ونحوه برقم (٥٣٩٤) وغير ذلك.
(٢) (شفاء الأُوَام) للأمير الحسين # (٣/ ١٨٣).