مع الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد
  وَقَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ البَانِي عَلَى الأَقَلِّ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ حَسْبَمَا أُمِرَ بِهِ عَلَى اليَقِينِ.
  قُلْتُ: يُقَالُ: بَلْ قَدْ أَدَّاهُ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ فِي الأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ.
  وَقَد احْتَرَسَ الإِمَامُ # بِقَوْلِهِ: «فَلَا يَجِبُ عَلَى هَذَا»، فَتَأَمَّلْ رَمَزَاتِ الإِمَامِ # الْخَفِيَّةَ.
  وَتَأْوِيلُ الإِمَامِ # بِأَنَّ الْمُرَادَ بِاليَقِينِ: «اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ مَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي»، لَا يَصِحُّ؛ لأَنَّ الاسْتِئْنَافَ لَيْسَ بِبِنَاءٍ وَلَا تَمَامٍ.
  فَمَعْنَى البِنَاءِ: الاسْتِمْرَارُ عَلَى مَا سَبَقَ قطعًا.
  وَالْخَبَرُ: «دَعْ مَا يُرِيبُكَ»، شَاهِدٌ لِلْبِنَاءِ عَلَى اليَقِينِ لَا عَلَى غَيْرِهِ.
  ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحَرِّي - عَلَى فَرْضِ التَّسْلِيمِ أَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ البِنَاءُ عَلَى اليَقِينِ -: هُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى اليَقِينِ، بَلْ كُلَّمَا زَادَ تَشَكَّكَ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَثِيرٍ مِمَّنَ تَغْلِبُ عَلَيْهِم الأَوْهَامُ وَالشُّكُوكُ، كَمَا حَمَلُوهُ عَلَى مَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي.
  فَالْبِنَاءُ عَلَى اليَقِينِ هُوَ أَوْلَى وَأَحْوَطُ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَمَلِ بِالأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَلِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الوَاجِبِ بِيَقِينٍ، مَعَ أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرَ الْمُتَعَمَّدَةِ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ، وَلَا مَعْنَى لِلْنَّظَرِ بَعْدَ وُرُودِ الأَثَرِ.
  وَلَا يَخْفَى عَلَى الإِمَامِ الْمُؤَيَّدِ بِاللَّهِ # مِثْلُ هَذَا، وَلَكِنَّهُ كَمَا ذَكَرْنَا قَدْ يَسْتَدِلُّ بِمَا أَمْكَنَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ رَاجِحٍ عِنْدَهُ، وَخِلافَ مَذْهَبِهِ، هَذَا مَعْلُومٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَمَا القَصْدُ إِلَّا التَّنْبِيهُ عَلَى الصَّوَاب، وَإِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ الْمَرْجِعُ وَالْمَآب.
  *******