مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[مسألة جواز الجمع بين الصلاتين]

صفحة 457 - الجزء 1

[مسألة جواز الجمع بين الصلاتين]

  (٦) وَفِي (الْجُزْءِ الثَّانِي) مِنْ كِتَابِ (سُبُلِ السَّلَامِ) آخر (صفح - ٤٠) مِنْ قَوْلِهِ: «وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ (مُسْلِمٍ): أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ، إِلَى قَوْلِهِ: فَلَا يَصِحُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيِّنٍ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَتَعْيِينُ وَاحِدٍ مِنْهَا تَحَكُّمٌ ...» إلخ.

  قُلْتُ: يُقَالُ: لَا يُحْتَاجُ إِلَى التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَحَدُهُمَا فَقَدْ بَطَلَ القَوْلُ بِوُجُوبِ التَّوْقِيتِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا القَوْلُ بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّوْقِيتِ وَجَوَازِ الْجَمْعِ، فَلَا يَضُرُّ هَذَا الاحْتِمَالُ.

  وَقَوْلُهُ فِي (صفح - ٤١): «وَقَدْ أَوَّلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي: الْجَمْعِ الصُّورِيِّ».

  قُلْتُ: يُقَالُ: يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا أُطْلِقَ فِي الشَّرْعِ لَم يُفْهَمْ مِنْهُ إلَّا الْجَمْعُ الْمَعْهُودُ شَرْعًا، وَهْوَ جَمْعُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا.

  وَظَنُّ أَبِي الشَّعْثَاءِ لَا حُجَّةَ فِيهِ⁣(⁣١).

  وَالرِّوَايَةُ الْمَرْفُوعَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهَا نَظَرٌ⁣(⁣٢).


(١) وهو ما ورواه البخاري برقم (١١٧٤)، ط: (العصرية)، قال: «حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، به. قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرًا، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ®، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ÷ ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا» قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ العَصْرَ، وَعَجَّلَ العِشَاءَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّهُ». ورواه مسلمٌ برقم (١٦٣٣)، ط: (العصرية) قال: «حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ [أَبِي الشَّعْثَاءِ]، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به. قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ÷ ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا»، قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ، قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّ ذَاكَ». ورواه الحافظ الكبير ابنُ أبي شيبة في (المصنف) برقم (٨٣١٢)، والحافظ عبد الرزاق برقم (٤٤٣٦)، وأحمد بن حنبل في (المسند) (٢/ ٤٥٠) رقم (١٩١٨)، ط: (دار الحديث) قال الشيخ أحمد شاكر: «إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ»، وغيرهم.

(فائدة): أبو الشعثاء هو جابر بن زيد الأزدي، عن: ابن عباس وابن عمر، وعنه: قتادة وأبوعبيدة وأيوب وغيرهم، روى له الهادي في (المنتخب)، واحتج به الجماعة، توفي سنة ثلاث وتسعين، وقيل ثلاث ومائة، أفاده علامة العصر عبد الله بن الإمام الهادي القاسمي @ في (الجداول).

(٢) وهي ما رواه النسائي في (السنن الكبرى) (١/ ١٥٦) برقم (٣٧٦) قال: «أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، =