مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع السيد الإمام أحمد بن يوسف زبارة | في تتمة الاعتصام

صفحة 460 - الجزء 1

مع السَّيِّد الإمام أحمد بن يوسف زبارة | في تتمة الاعتصام

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ الْمُجَدِّدُ لِلْدِّينِ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #:

  الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ: حَاشِيَةٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي (أَنْوَارِ التَّمَامِ) (٣/ ١٧٠): «وَشُدَّ الرَّحْلَ إِلَى زِيَارَتِهِ»، إلخ.

  قَوْلُهُ: «وَشُدَّ الرَّحْلَ إِلَى زِيَارَتِهِ» إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ شَدَّ الرَّحْلِ لِلزِّيَارَةِ؛ مُحْتَجًّا بِمَا رُوِي مِنْ قَوْلِهِ ÷: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ»، إلخ.

  وَهْوَ احْتِجَاجٌ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، وَالبُعْدِ عَنْ فَهْمِ مَعْنَى الْخَبَرِ، فَأَوَّلًا: لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَنْعَ شَدِّ الرِّحَالِ عَلَى الْعُمُومِ إلَّا إِلَى الثَّلَاثَةِ الْمَسَاجِدِ قَطْعًا وَإِجْمَاعًا؛ إِذْ هِيَ تُشَدُّ لِلْجِهَادِ وَالْهِجْرَةِ وُجُوبًا، وَلِلْكَسْبِ وَالتَّزَوُّجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

  ثَانِيًا: أَنَّهُ فِي صَدَدِ تَفْضِيلِ الثَّلَاثَةِ الْمَسَاجِدِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْمَسَاجِدِ، فَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى شَيءٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ؛ لِقَصْدِ زِيَارَتِهَا إِلَّا إِلَى الثَّلَاثَةِ، فَهْوَ فِي مَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَدَّ الرَّحْلُ إِلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ، وَأَنَّ الشَّدَّ إِلَى غَيْرِهَا كَلَا شَدّ⁣(⁣١).


(١) قال ابن حجر في (فتح الباري) (٣/ ٨٥): «قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: قَوْلُهُ: «إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ، فَإِمَّا أَنْ يُقَدّرَ عَامًّا فَيَصِيرَ: لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى مَكَانٍ فِي أَيِّ أَمْرٍ كَانَ إِلَّا إِلَى الثَّلَاثَةِ، أَوْ أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ. لَا سَبِيلَ إِلَى الْأَوَّلِ؛ لِإِفْضَائِهِ إِلَى سَدِّ بَابِ السَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَطَلَبِ الْعِلْمِ، وَغَيْرِهَا، فَتَعَيَّنَ الثَّانِي، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مُنَاسَبَةً، وَهْوَ: لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى مَسْجِدٍ لِلصَّلَاةِ فِيهِ إِلَّا إِلَى الثَّلَاثَةِ، فَيَبْطُلُ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ مَنَعَ شَدَّ الرِّحَالِ إِلَى زِيَارَةِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ وَغَيْرِهِ مِنْ قُبُورِ الصَّالِحِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ».