[القسم الرابع]
  قال #: «وَهَذَا لَا إِشْكَالَ فِي رَدِّهِ، والْحُكْمِ بِوَضْعِهِ.
[القسم الرابع]
  وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ بِالتَّعْمِيمِ وَالتَّخْصِيصِ، وَالإطْلاقِ وَالتَّقْيِيدِ».
  قلتُ: وَمَقْصَدُ الإمامِ # أنَّه يُجْرَى في كُلٍّ بِحَسَبِهِ في الْعِلْمِيَّات والْعَمَلِيَّات، فيُخَصَّصُ العمومُ في الأَوَّلِ(١): بالعِلْمِي، وفي الثَّانِي(٢): بالعِلْمِيِّ والظَّنِّي؛ لأنَّ العمومَ في العَمَلِيَّات - وإنْ كَانَ قطعيَّ الْمَتْنِ - فهو ظنيُّ الدَّلالة؛ لاحتمالِه.
  وإنَّما تَطَرَّقَ إليه الاحتمالُ؛ لأنَّ الظنَّ يَكفي في الأَعمال.
  وهذا إنَّما هو عَلَى مُقْتَضَى القَوْلِ بجوازِ تخصيصِ الكتابِ والمتواترِ بالآحَادِ ونحوهِما كالقياس، وستقفُ عَلَى المختارِ قريبًا إنْ شاء اللَّهُ تعالى.
  فأمَّا التخصيصُ بها في العِلْمِيَّاتِ فلا يَصِحُّ اتِّفَاقًا بين العِتْرَةِ ومَنْ وافقهم؛ لِلتَّعَبُّدِ فيها بالاعتقاد، وبقاؤها عَلَى الأَصْلِ مِنْ كَوْنِ العِلْمِ فيها هو المرادُ، {وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولٗا ٣٦}[الإسراء]، {إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ}[يونس ٣٦].
  ولم يَبْقَ تحت النَّهْي إلَّا مَسَائِلُ الأُصول، وإلَّا عَرِيَتْ عن الفائدة، وذلك خلافُ المعقولِ والمنقول، فكيف يَنْهى عن اتِّبَاعِ الظَّنِّ ويَذُمُّهُ لَنَا ثم يَتَعَبَّدُنَا به؟ تَعَالَى اللَّهُ عن هذا المقول.
  وللإمامِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَحقيقٌ في هذا المقام، يُسْتشفَى به مِن الأُوَام(٣)، أَورده في جواباته عَلَى علماء ضَحْيَان، وفي أثناء الدعوة المسماة: (بالموعظة الحسنة).
(١) العِلْمِيَّات.
(٢) العَمَلِيَّات.
(٣) الأُوَامُ - بالضمِّ -: حَرُّ الْعَطَش. من (مختارَ الصحاح).