مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[القسم الثالث]

صفحة 46 - الجزء 1

  واشتراطُ الضَّبْطِ والعَدَالَةِ في النَّقَلَة: أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عليه في الجملَة.

  ويحتمل أنْ تُخَصَّصَ تلك الأدلة⁣(⁣١) بعموم ذلك الخبر⁣(⁣٢)، فيكون: مَنْ أَخْبَرَ بِمَا يوافق الكتاب صادقًا - وإن كان كافرًا أو فاسقًا -، ويكون إعلامًا من الله تعالى أنَّه لا يُخْبَرُ بما يوافق الكتابَ إلَّا وهو حَقٌّ وصِدْقٌ وصَوَابٌ.

  فهذانِ عُمومانِ تَعَارَضَا⁣(⁣٣)، يُمْكِنُ الْجَمْعُ بينهما بِتَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بالآخَر، فيُرْجَعُ فيهما إلى التَّرْجِيح، فنقول واللَّهُ أَعلم: إنَّ الاحتمالَ الآخِرَ مَرجوحٌ⁣(⁣٤)؛ لأنَّ الذي تُوجِبُهُ حِيَاطَةُ الدِّين، وتُلْزِمُهُ حمِايةُ سَوْحِ التَّثَبُّتِ وَسَرْحِ اليقين: تَرْكَ تلك العموماتِ عَلَى بابها، والتخصيص لهذا العموم بها؛ لكونها أَقوى، والاعتمادِ عليها أَحْرَى، هذا هو الذي تَقتضيه مَسَالِكُ الأُصول، ومَدَارِكُ المعقولِ والمنقول.

  وقد أشار إليه الإمامُ # بقوله: «إلَّا صِحَّة كَوْنِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷».

  عدنا إلى كلامِ الإمامِ #، قال:

[القسم الثاني]

  [القسم الثاني]: «وَمَا أَمْكَنَ عَرْضُهُ عَلَيْهِ جُمْلَةً، وهَذَا الصَّحِيحُ صِحَّتُهُ، مِثْلُ بَيَانَاتِ الْمُجْمَلاتِ الوَاجِبَةِ، وَنَحو ذَلكَ.

[القسم الثالث]

  والقِسم الثالث: مَا عَارَضَ الْكِتَابَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَعَ كَوْنِهِ آحَادِيًّا».

  قلتُ: قولُهُ: مَعَ كَوْنِهِ آحَادِيًّا؛ لأنَّه لَا يُتَصَوَّرُ ذلك في الْمُتَوَاتِرِ والْمُتَلَقَّى بالقَبول كما ذلك معلوم.


(١) الموجبة للنظر في طرق الأخبار.

(٢) أي حديث العرض.

(٣) العموم الأول: حديث العرض «فَمَا وَافَقَ كِتَابِ اللَّهِ ...» عامٌّ مخصوصٌ بالأَدلةِ الموجِبِة للنظر في طرق الأخبار مثل: {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ ...}، و {إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ ...}.

العموم الثاني: العكس: {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ ...}، و {إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ ...} عامٌّ، مخصوصٌ بحديث العرض «فَمَا وَافَقَ كِتَابِ اللَّهِ ...».

(٤) وهو أنْ تُخَصَّصَ تلك الأدلة الموجبة للنظر في طرق الأخبار بعموم ذلك الخبر.