[القسم الثالث]
  واشتراطُ الضَّبْطِ والعَدَالَةِ في النَّقَلَة: أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عليه في الجملَة.
  ويحتمل أنْ تُخَصَّصَ تلك الأدلة(١) بعموم ذلك الخبر(٢)، فيكون: مَنْ أَخْبَرَ بِمَا يوافق الكتاب صادقًا - وإن كان كافرًا أو فاسقًا -، ويكون إعلامًا من الله تعالى أنَّه لا يُخْبَرُ بما يوافق الكتابَ إلَّا وهو حَقٌّ وصِدْقٌ وصَوَابٌ.
  فهذانِ عُمومانِ تَعَارَضَا(٣)، يُمْكِنُ الْجَمْعُ بينهما بِتَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بالآخَر، فيُرْجَعُ فيهما إلى التَّرْجِيح، فنقول واللَّهُ أَعلم: إنَّ الاحتمالَ الآخِرَ مَرجوحٌ(٤)؛ لأنَّ الذي تُوجِبُهُ حِيَاطَةُ الدِّين، وتُلْزِمُهُ حمِايةُ سَوْحِ التَّثَبُّتِ وَسَرْحِ اليقين: تَرْكَ تلك العموماتِ عَلَى بابها، والتخصيص لهذا العموم بها؛ لكونها أَقوى، والاعتمادِ عليها أَحْرَى، هذا هو الذي تَقتضيه مَسَالِكُ الأُصول، ومَدَارِكُ المعقولِ والمنقول.
  وقد أشار إليه الإمامُ # بقوله: «إلَّا صِحَّة كَوْنِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷».
  عدنا إلى كلامِ الإمامِ #، قال:
[القسم الثاني]
  [القسم الثاني]: «وَمَا أَمْكَنَ عَرْضُهُ عَلَيْهِ جُمْلَةً، وهَذَا الصَّحِيحُ صِحَّتُهُ، مِثْلُ بَيَانَاتِ الْمُجْمَلاتِ الوَاجِبَةِ، وَنَحو ذَلكَ.
[القسم الثالث]
  والقِسم الثالث: مَا عَارَضَ الْكِتَابَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَعَ كَوْنِهِ آحَادِيًّا».
  قلتُ: قولُهُ: مَعَ كَوْنِهِ آحَادِيًّا؛ لأنَّه لَا يُتَصَوَّرُ ذلك في الْمُتَوَاتِرِ والْمُتَلَقَّى بالقَبول كما ذلك معلوم.
(١) الموجبة للنظر في طرق الأخبار.
(٢) أي حديث العرض.
(٣) العموم الأول: حديث العرض «فَمَا وَافَقَ كِتَابِ اللَّهِ ...» عامٌّ مخصوصٌ بالأَدلةِ الموجِبِة للنظر في طرق الأخبار مثل: {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ ...}، و {إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ ...}.
العموم الثاني: العكس: {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ ...}، و {إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ ...} عامٌّ، مخصوصٌ بحديث العرض «فَمَا وَافَقَ كِتَابِ اللَّهِ ...».
(٤) وهو أنْ تُخَصَّصَ تلك الأدلة الموجبة للنظر في طرق الأخبار بعموم ذلك الخبر.