مع الشوكاني في القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد
  الاِجْتِهَادُ فِي مَسْأَلَةٍ، وَأَمْكَنَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ الاِجْتِهَادَ فِيهَا»، إِلَى آخِرِ هَذَيَانِهِ الَّذِي يَعْرِفُ بُطْلَانَهُ كُلُّ مَنْ لَهُ ذَرَّةٌ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، أَوْ مُسْكَةٌ مِنَ الْعِلْمِ.
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَيَّدِيُّ #: فَيُقَالُ لَهُ: الآنَ رَجَعْتَ إِلَى الصَّوَاب، وَبَطَلَ جَمِيعُ مَا قَعْقَعْتَ بِهِ وَمَوَّهْتَهُ مِنَ الإِرْهَاب، فَإِذَا جَازَ التَّقْلِيدُ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ؛ إِذِ الْفَرْقُ تَحَكُّمٌ، وَإِذَا أَجَزْتَ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الاِجْتِهَادُ، فَبِالأَوْلَى وَالأَحْرَى الْمُقَلِّدُ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الاِجْتِهَادِ.
  وَمَا بَقِيَ لَكَ شُبْهَةٌ إِلَّا أَنَّهُ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ، وَهْيَ شُبْهَةٌ أَوْ هَيَ مِنْ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ، فَلَا يُوجَدُ فَرْقٌ قَطُّ فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ بَيْنَ التَّقْلِيدِ فِي قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِمَّا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ.
  وَأَمَّا التَّلْبِيسُ بِاتِّخَاذِ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ(١) فَأَعْظِمْ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِرْيَة؛ فَإِنَّ أُولئكَ أَحَلُّوا لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَحَرَّمُوا مَا أَحَلَّ.
  وَأَمَّا دَعْوَى الفَرْقِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ(٢) فَمِمَّا لَا بُرْهَانَ لَدِيهِ قَطّ؟
  وَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَقَدْ ادَّعَيْتَ أَنَّهُ مِن اتِّخَاذِ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ أَرْبَابًا، وَهْوَ شِرْكٌ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُشْرَكَ بِالصَّحَابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ؟! سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ.
  (٧) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ (ص ٢ - السطر ٣)(٣): «فَتَتَابَعَ الْقَوْمُ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ»(٤).
(١) قال الشوكاني (ص/٣٥): «فإنَّ هذا هو عينُ اتخاذ الأحبار والرهبان أربابًا».
(٢) قال الشوكاني (ص/٣٥): «وأيضًا لو فرض ما زعموه من الدلالة، لكان خاصًّا بتقليد علماء الصحابة في مسألة من المسائل، فلا يصح إلحاق غيرهم بها»، إلى آخر كلامه.
(٣) (ص/٣٦)، (مكتبة الساعي).
(٤) روى الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) (١/ ٩٦) رقم (١٧) عَن طَارقِ بن شِهَاب قَالَ: «جَاءَ وَفدُ بُزَاخَةَ من أسدٍ وغَطَفَان إِلَى أبي بكر يسألونه الصُّلْح، فَخَيَّرَهمْ بَين الْحَرْب الْمُجْلِيَةِ، وَالسِّلم الْمُخْزِيَة، فَقَالُوا هَذِه المجلية قد عرفناها، فَمَا المخزية؟ قَالَ: نَنْزَعُ مِنْكُم الْحلقَة والكُرَاع، ونغنم مَا أصبْنَا مِنْكُم، وتردون علينا مَا أصبْتُم منا، وتدون لنا قَتْلانَا، وَتَكون قَتْلاكُمْ فِي النَّار، إلى أن قال: =