[الفرق بين التخصيص والنسخ]
  المذكورةِ في القرآن(١): النكاح، فلا نَسْخ، وأمَّا الوصيةُ(٢) فالنَّاسخُ آيةُ المواريث(٣).
  فإن قيل: قد وَرَدَ في كلام أمير المؤمنين # المروي في النهج قوله(٤): (وَبَيْنَ مُثْبَتٍ فِي الْكِتَابِ فَرْضُهُ، وَمَعْلُومٍ فِي السُّنَّةِ نَسْخُهُ).
  قلنا: يجب تأويلُهُ لقيامِ الدليل، إمَّا بأنْ يُحْمَلَ النَّسْخُ عَلَى التخصيص، أو بأنَّ المراد في السُّنَّة مَعَ الكتاب نَسْخُهُ.
  فإن قيل: أليس النَّسْخُ والتخصيصُ لديكم مِنْ بابٍ واحد؟
  قيل: لا شَكَّ في ذلك، ولكنَّه قد قام الدليلُ القاطعُ عَلَى وقوعِ التخصيص، وَوَقَعُ الإجماعُ عليه دون النَّسْخِ، فَيُقَرُّ ذلك عَلَى ما وَرَد.
  واعلم أنَّه لا ثمرةَ في الخارجِ لخلافِ المخالِفِ في هذا ولا جَدْوَى؛ إذ لم يَتَحَقَّق النَّسْخُ بالسُّنَّةِ للكتاب، وإنَّما هو مُجَرَّدُ دعوى.
[الفرق بين التخصيص والنسخ]
  واعلم أنَّ الحقَّ الأَحق، والقولَ الأَوفق أنَّه لم يَظهر بين التخصيصِ والنَّسْخِ فَرْقٌ سِوى لزومِ التَّرَاخِي في النسخِ، وعَدَمِهِ في التخصيص.
  وأمَّا قولُهُم: التخصيصُ بَيَانٌ(٥)، فغيرُ مُتَّضِحٍ؛ لأنَّه إنْ كان باعتبارِ الانكشاف: فكلاهما بَيَان، فالتخصيصُ بيانٌ لِعَدَمِ إرادةِ الْمُخْرَجِ مِن الأَعيان، والنَّسْخُ بيانٌ لِعَدَمِ إرادةِ ما بعد النَّاسِخِ مِن الأَزمان.
  وإن كان باعتبارِ الظاهر: فكلاهما مُعَارِضٌ غيرُ مُظَاهِر.
(١) في قوله تعالى: {فَمَا ٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهِۦ مِنۡهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةٗۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا تَرَٰضَيۡتُم بِهِۦ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡفَرِيضَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا ٢٤}[النساء].
(٢) في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ ١٨٠}[البقرة].
(٣) قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ}، إلى آخر الآيات.
(٤) شرح نهج البلاغة (١/ ١١٧).
(٥) شرح الغاية (٢/ ٤٤٠)، كافل الطبري (٢/ ٢٥٦).