[الرد على من ادعى أن تفضيل الصحابة على ترتيب الخلافة]
  أَمَّا الصَّحَابَةُ فَلَمْ يَدَّعُوا ذَلِكَ وَحَاشَاهُم، وَقَدْ كَانُوا وَلَا سِيَّمَا عُمَرَ يُقِرُّونَ بِتَفْضِيلِ عَلِيٍّ وَسَبْقِهِ، وَعِلْمِهِ، وَجِهَادِهِ، وَقَرَابَتِهِ، وَمِمَّا اشْتَهَر: لَوْلَا عَلِيٌّ لَهَلكَ عُمَر.
  وَمَا كَانُوا يَعْتَذِرُونَ عَنِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ إِلَّا بِأَعْذَارٍ، مِنْهَا: صِغَرُ سِنِّهِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ.
  وَمِنْهَا: نُفُورُ الْكَثِيرِ مِمَّنْ قَدْ وَتَرَهُمْ بِسَيْفِهِ الَّذِي قَامَ بِهِ عَمُودُ الإِسْلَامِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
= مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْكِيَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً، تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِينَ، فَدَعْ عَنْكَ مَنْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِيَّةُ، فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا، وَالنَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا، ...... إلى قوله (ع): وَمِنَّا النَّبِيُّ، وَمِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ، وَمِنَّا أَسَدُ اللَّهِ، وَمِنْكُمْ أَسَدُ الأَحْلَافِ، وَمِنَّا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمِنْكُمْ صِبْيَةُ النَّارِ، وَمِنَّا خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَمِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ، فِي كَثِيرٍ مِمَّا لَنَا وَعَلَيْكُمْ، فَإِسْلَامُنَا قَدْ سُمِعَ، وَجَاهِلِيَّتُنَا لَا تُدْفَعُ، وَكِتَابُ اللَّهِ يَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا، وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ}، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٦٨}[آل عمران]، فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَى بِالْقَرَابَةِ، وَتَارَةً أَوْلَى بِالطَّاعَةِ.
وَلَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ فَلَجُوا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ يَكُنِ الْفَلَجُ بِهِ، فَالْحَقُّ لَنَا دُونَكُمْ، وَإِنْ يَكُنْ بِغَيْرِهِ فَالأَنْصَارُ عَلَى دَعْوَاهُمْ.
وَزَعَمْتَ أَنِّي لِكُلِّ الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ، وَعَلَى كُلِّهِمْ بَغَيْتُ، فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْكَ، فَيَكُونَ الْعُذْرُ إِلَيْكَ.
وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا
وَقُلْتَ: إِنِّي كُنْتُ أُقَادُ كَمَا يُقَادُ الْجَمَلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّى أُبَايِعَ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ، وَأَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ، وَمَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَةٍ فِي أَنْ يَكُونَ مَظْلُومًا، مَا لَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِي دِينِهِ، وَلا مُرْتَابًا بِيَقِينِهِ، ... ، إلى أن قال #: وَذَكَرْتَ أَنَّهُ لَيْسَ لِي وَلأَصْحَابِي عِنْدَكَ إِلَّا السَّيْفُ، فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَارٍ، مَتَى أَلْفَيْتَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الأَعْدَاءِ نَاكِلِينَ، وَبِالسَّيْفِ مُخَوَّفِينَ.
فَلَبِّثْ قَلِيلًا يَلْحَقِ الْهَيْجَا حَمَلْ
فَسَيَطْلُبُكَ مَنْ تَطْلُبُ، وَيَقْرُبُ مِنْكَ مَا تَسْتَبْعِدُ، وَأَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَكَ فِي جَحْفَلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، شَدِيدٍ زِحَامُهُمْ، سَاطِعٍ قَتَامُهُمْ، مُتَسَرْبِلِينَ سَرَابِيلَ الْمَوْتِ، أَحَبُّ اللِّقَاءِ إِلَيْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ، وَقَدْ صَحِبَتْهُمْ ذُرِّيَّةٌ بَدْرِيَّةٌ، وَسُيُوفٌ هَاشِمِيَّةٌ، قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فِي أَخِيكَ وَخَالِكَ، وَجَدِّكَ وَأَهْلِكَ، {وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ ٨٣}. انتهى كلامه #.