مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[الكلام على قوله تعالى: {فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ ...}]

صفحة 592 - الجزء 1

[الكلام على قوله تعالى: {فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ ...}]

  (٤) قَوْلُهُ (ص - ١١٧)⁣(⁣١): «وَفِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى مِمَّا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ، وَشَاعَ تَحْرِيمُهُ فِيهَا، أَنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكِ»، وَهْوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ ...}. إلخ.

  قُلْتُ: يُنْظَرُ فِي دَلَالَةِ الآيَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَالْوَعِيدُ وَالْخُلُودُ فِي النَّارِ - نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا - لَا يُفِيدَانِ الْكُفْرَ الْمَذْكُورَ، وَالْخُرُوجَ عَنِ الْمِلَّةِ، الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ، وَلَا فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ أَصْلًا.

  وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُسْتَحِلَّ لِمَا ذُكِرَ إِنْ كَانَ مِمَّا عُلِمَ ضَرُورَةً كَافِرٌ، أَيْ خَارِجٌ عَنِ الْمِلَّةِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَأْخُوذٍ مِنَ الآيَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

[الكلام على رواية «لعلَّ الله اطَّلع على أهل بدر ...»]

  (٥) قَوْلُهُ فِي (ص - ١٢٩)⁣(⁣٢) فِي سِيَاقِ قِصَّةِ حَاطِبٍ: «لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ» ... إلخ.

  قُلْتُ: يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْخَطَأِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ، كَمَا كَانَ مِنْ حَاطِبٍ، لَا الْمَعاصِي الْكَبَائِرِ وَلَا الصَّغَائِر، فَلَا يَجُوزُ مِنَ الْحَكِيمِ أَنْ يُبِيحَهَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ إِغْرَاءً، وَهْوَ قَبِيحٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لِرَسُولِهِ ÷ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَغَيْرِهِم: {فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ ١١٢ وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ١١٣}⁣[هود].

  وَقَدْ وَقَعَتِ الْمُؤَاخَذَةُ لِأَهْلِ بَدْرٍ كَمَا فِي قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِهَجْرِهِمْ حَتَّى تَابُوا، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

  وَكَذَا قِتَالُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ # لِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ÷ لَهُ


(١) وفي (ص/١١٠) من طبعة (مكتبة اليمن الكبرى).

(٢) وفي (ص/١٢٢) من طبعة (مكتبة اليمن الكبرى).