(7) - [الكلام على إيمان المكره]
  لاِسْتِجْلَابِهَا بِالْمَعَاصِي، وَهْوَ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ}[النساء ٧٨]؛ فَإِنَّ الكُلَّ مِنْهُ إِيجَادًا وَإِيصَالًا، غَيْرَ أَنَّ الْحَسَنَةَ إِحْسَانٌ وَامْتِحَانٌ، وَالسَّيِّئَةَ مُجَازَاةٌ وَانْتِقَامٌ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ (رض): مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ وَصَبٌ(١) وَلَا نَصَبٌ حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا وَحَتَّى انْقِطَاعُ شِسْعِ نَعْلِهِ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَمَا يَعْفُو اللَّهُ أَكْثَر.
  وَالآيَتَانِ(٢) كَمَا تَرَى لَا حُجَّةَ فِيهِمَا لَنَا وَلِلْمُعْتَزِلَةِ».
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: أَمَّا لَكُمْ فَنَعَم، لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِنْدَكُمْ هُوَ الْمُوجِدُ وَالْخَالِقُ لِجَمِيعِ الأَعْمَالِ حَسَنِهَا وَقَبِيحِهَا، وَخَيْرِهَا وَشَرِّهَا.
  وَأَمَّا العَدْلِيَّةُ - الَّذِينَ تَقَولُ لَهُم الْمُعْتَزِلَةُ -، فَلَهُمْ فِيهِمَا الْحُجَّةُ العُظْمَى؛ لِلْفَرْقِ الْمَعْلُومِ الْمَعْقُولِ بَيْنَ الفِعْلِ وَجَزَائِهِ، وَبَيْنَ فِعْلِ العَبْدِ وَفِعْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
  فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُوجِدُ وَالْخَالِقُ لِلْجَزَاءِ، وَالْمُسَمَّى بِالْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ، وَالْعَبْدُ هُوَ الْمُوجِدُ وَالفَاعِلُ لِلْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فِي الْجَزَاءِ.
(٧) [الكلام على إيمان المكرَه]
  الآية: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلَا تَقُولُواْ لِمَنۡ أَلۡقَىٰٓ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسۡتَ مُؤۡمِنٗا تَبۡتَغُونَ عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٞۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَتَبَيَّنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا ٩٤}[النساء].
(١) الوَصَبُ - مُحرَّكَةً -: الْمَرَضُ، وقيل: الأَلَمُ الشَّدِيدُ، وقيل: الأَلمُ الدَّائمُ، وقيلَ: الوَصَبُ: الْمَرَضُ، والنَّصَّبُ: التَّعَبُ والْمَشَقَّة. والوَصَبُ: دَوامُ الوَجَعِ ولُزُومُه، وقال ابْنُ دُرَيْدٍ: الوَصَبُ: نُحُولُ الجِسمِ من تَعَبٍ أَو مَرَضٍ. ج: أَوْصَابٌ عَلَى القِيَاس كَمَرَضٍ وأَمْرَاض. والأَوْصَابُ: الأَسْقَام، الوَاحِدُ وَصَبٌ. وأَوْصَبَهُ الدَّاءُ: أَسْقَمَهُ، وأَوْصَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَمْرَضَهُ. انتهى بتصرف من (تاج العروس).
(٢) الأُولى هي قوله تعالى: {مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ}[النساء ٧٩]، والثانية: {وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ}[النساء: ٧٨].