(16) - الكلام على قوله تعالى: {وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ}
  عَنْ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهُ عَلَى أَلَّا يَرَاهُ أَبَدًا، أوْ أَلَّا يَرَاهُ غَيْرُهُ أَصْلًا، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَى اسْتِحَالَتِهَا».
  يُقَالُ: بَلْ يَدُلُّ؛ لِأَنَّهُ نَفَاهُ نَفْيًا مُؤَبَّدًا بِـ (لَنْ)، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ.
  وَإِذَا اسْتَحَالَتِ الرُّؤْيَةُ عَلَيْهِ اسْتَحَالَتْ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، بَلْ هِيَ عَلَى غَيْرِهِ بِالأَوْلَى.
  وَالتَّعَامِي عَنِ الأَدِلَّةِ الوَاضِحَةِ العَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ، - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّمْعِ إِلَّا هَذَا الرَّدُّ العَظِيمُ الْمُقْنِعُ بِالنَّفْيِ الْمُؤَبَّدِ، وَإِظْهَارُ هَذَهِ الآيَةِ الْكُبْرَى الَّتي تَدُلُّ عَلَى اسْتِحَالَةِ مَا طَلَبُوا، وَخُرُورُ مُوسَى # صَعِقًا مِنْ هَوْلِهَا، وَتَوْبَتُهُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنْ سُؤَالِهِ لِقَوْمِهِ قَبْلَ الاِسْتِئْذَانِ لَكَفَى - وَالتَّمَحُّلُ بَعْدَ ذَلِكَ لِإِبْطَالِ تِلْكَ الدَّلَالَاتِ البَيِّنَةِ هُوَ الْمُكَابَرَةُ، أَو الْجَهَالَةُ بِأَدِلَّةِ العَقْلِ وَالنَّقْلِ.
  وَقَوْلُهُ: «وَفِي تَعْلِيقِ الرُّؤْيَةِ بِالاِسْتِقْرَارِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ ...» إلخ.
  يُقَالُ: بَلْ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ اسْتِقْرَارَهُ فِي حَالِ تَدَكْدُكِهِ مُحَالٌ، فَالْمُعَلَّقُ عَلَى الْمُحَالِ مُحَالٌ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَمَى وَالضَّلَال؛ {فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ ٤٦}.
  (١٦) الكلام على قوله تعالى: {وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ}[الأعراف ١٧٦]:
  قَالَ البَيْضَاوِيُّ في (ص/٢٢٩): «{وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ} فِي إِيثَارِ الدُّنْيَا، وَاسْتِرْضَاءِ قَوْمِهِ، وَأَعْرَضَ عَنْ مُقْتَضَى الآيَاتِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ رَفْعَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ اسْتَدْرَكَ عَنْهُ بِفِعْلِ العَبْدِ؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمَشِيئَةَ سَبَبٌ لِفِعْلِهِ الْمُوجِبِ لِرَفْعِهِ».
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: بَلْ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ سَبَبُ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ لِرَفْعِهِ. هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ حُكْمُ العَدْلِ مِنَ القَائمِ بِالْقِسْطِ ø.