مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

(15) - الكلام على قوله تعالى: {وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي}:

صفحة 615 - الجزء 1

(١٥) - الكلام على قوله تعالى: {وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي}:

  قَالَ البَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ في (ص/٢٢١): «{قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ}: أَرِنِي نَفْسَكَ؛ بِأنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ رُؤْيَتِكَ، أَوْ: تَتَجَلَّى لِي فَانْظُرَ إِلَيْكَ وَأَرَاكَ.

  وَهْوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْمُسْتَحِيلِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مُحَالٌ، وَخُصُوصًا مَا يَقْتَضِي الْجَهْلَ بِاللَّهِ».

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: يُقَالُ: الطَّلَبُ لِغَيْرِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ}⁣[النساء: ١٥٣]، وَقَوْلُهُ #: {أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآۖ}⁣[الأعراف: ١٥٥](⁣١)، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَلَكِنَّ الْجَهْلَ وَالْعِنَادَ يُعْمِيَانِ البَصَائِرَ.

  وَقَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ رَدَّهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَن تَرَىٰنِي}.

  يُقَالُ: إِذَا امْتَنعَتِ الرُّؤْيَةُ عَلَيْهِ فَبِالأَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ.

  وَقَوْلُهُ: «تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ رُؤْيَتِهِ؛ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى مُعَدٍّ⁣(⁣٢) فِي الرَّائِي، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ بَعْدُ».

  يُقَالُ: هَذَا يَجْعَلُهَا غَيْرَ الرُّؤْيَةِ الْمَعْقُولَةِ.

  وَقَوْلُهُ: «وَجَعْلُ السُّؤَالِ لِتَبْكِيتِ قَوْمِهِ الَّذِينَ قَالُوا: {أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ} خَطَأٌ» إلخ.

  يُقَالُ: إِنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ؛ لِيَكُونَ الإِقْنَاعُ بِأَمْرٍ إِلَهِيٍّ؛ لِشِدِّةِ عِنَادِهِمْ.

  وَقَوْلُهُ: «وَالاِسْتِدْلَالُ بِالْجَوَابِ عَلَى اسْتِحَالَتِهَا أَشَدُّ خَطَأً؛ إِذْ لَا يَدُلُّ الإِخْبَارُ


(١) وكقوله تعالى: {وَإِذۡ قُلۡتُمۡ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ ٥٥}⁣[البقرة].

(٢) وهو الذي زعموه أَنَّه قوَّةٌ يخلقها اللَّهُ تعالى فيه بحيث ينكشف له انكشافًا. أفاده في حاشية الشهاب على البيضاوي (٤/ ٢١٤)، ط: (دار صادر).