(15) - الكلام على قوله تعالى: {وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي}:
(١٥) - الكلام على قوله تعالى: {وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي}:
  قَالَ البَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ في (ص/٢٢١): «{قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ}: أَرِنِي نَفْسَكَ؛ بِأنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ رُؤْيَتِكَ، أَوْ: تَتَجَلَّى لِي فَانْظُرَ إِلَيْكَ وَأَرَاكَ.
  وَهْوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْمُسْتَحِيلِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مُحَالٌ، وَخُصُوصًا مَا يَقْتَضِي الْجَهْلَ بِاللَّهِ».
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: يُقَالُ: الطَّلَبُ لِغَيْرِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ}[النساء: ١٥٣]، وَقَوْلُهُ #: {أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآۖ}[الأعراف: ١٥٥](١)، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَلَكِنَّ الْجَهْلَ وَالْعِنَادَ يُعْمِيَانِ البَصَائِرَ.
  وَقَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ رَدَّهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَن تَرَىٰنِي}.
  يُقَالُ: إِذَا امْتَنعَتِ الرُّؤْيَةُ عَلَيْهِ فَبِالأَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ.
  وَقَوْلُهُ: «تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ رُؤْيَتِهِ؛ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى مُعَدٍّ(٢) فِي الرَّائِي، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ بَعْدُ».
  يُقَالُ: هَذَا يَجْعَلُهَا غَيْرَ الرُّؤْيَةِ الْمَعْقُولَةِ.
  وَقَوْلُهُ: «وَجَعْلُ السُّؤَالِ لِتَبْكِيتِ قَوْمِهِ الَّذِينَ قَالُوا: {أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ} خَطَأٌ» إلخ.
  يُقَالُ: إِنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ؛ لِيَكُونَ الإِقْنَاعُ بِأَمْرٍ إِلَهِيٍّ؛ لِشِدِّةِ عِنَادِهِمْ.
  وَقَوْلُهُ: «وَالاِسْتِدْلَالُ بِالْجَوَابِ عَلَى اسْتِحَالَتِهَا أَشَدُّ خَطَأً؛ إِذْ لَا يَدُلُّ الإِخْبَارُ
(١) وكقوله تعالى: {وَإِذۡ قُلۡتُمۡ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ ٥٥}[البقرة].
(٢) وهو الذي زعموه أَنَّه قوَّةٌ يخلقها اللَّهُ تعالى فيه بحيث ينكشف له انكشافًا. أفاده في حاشية الشهاب على البيضاوي (٤/ ٢١٤)، ط: (دار صادر).