فتاوى وبحوث فقهية
  وَرَوَى أَيْضًا(١): «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا تُقُبِّلَتِ التَّوْبَةُ، وَلَا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْمَغْرِبِ خُتِمَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ».
  قَالَ(٢): أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ(٣) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عَمْرٍو.
  وَمَا رَوَى(٤) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ»(٥).
  قَالَ الإِمَامُ الْمَنْصُورُ بِاللَّهِ القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ @(٦): «وَهَذَا لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ؛ لِمُوَافَقَتِهِ الْكِتَابَ الْعَزِيزَ، مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ}[الأنفال: ٧٢]، وَالْعَدُوُّ يَعُمُّ الْكُفَّارَ وَأَهْلَ الطُّغْيَانِ وَالبُغَاةَ وَالْمُنَافِقِينَ». انْتَهَى مِنْ (أَنْوَارِ التَّمَامِ)(٧). هَذَا الَّذِي أَمْكَنَ إِيرَادُهُ.
  قَالَ الإِمَامُ القَاسِمُ #(٨): فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِنْ حُمِلَ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ إِجْمَاعًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الإِسْلَامِ كَافَّةً، وَكَذَلِكَ مَعَ أَمْرِ الإِمَامِ بِالْهِجْرَةِ فَتَجِبُ إِجْمَاعًا.
  وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي الْمُوجِبَةِ لِلْهِجْرَةِ: إِعَانَةُ الظَّالِمِينَ سَلَاطِينِ الْجَوْرِ بِالغَارَةِ مَعَهُم، وَتَسْلِيمُ الْمَالِ إِلَيْهِم بِالْقَسْرِ أَوِ الرِّضَا.
  فَإِذَا حَصَلَ مَعَ شَخْصٍ أَحَدُهَا، أَوْ خَافَ صُدُورَ ذَلِكَ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الإنْتِقَالُ؛
(١) أي السيوطي في (الجامع الكبير) (٨/ ٢٤٩) رقم (٢٥٩٨٢).
(٢) أي السيوطي.
(٣) (تاريخ دمشق) لابن عساكر (٣١/ ٣٠٧).
(٤) أي السيوطي.
(٥) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ في (السنن الكبرى) (٤/ ٤٢٧) رقم (٧٧٩٥)، و (٧٧٩٦).
(٦) انظر: (شرح الأساس الصغير) (٢/ ٢٣١).
(٧) أنوار التمام (المطبوعة مع الاعتصام) (٥/ ٥٤٧) ط: (مكتبة اليمن الكبرى).
(٨) أنوار التمام (٥/ ٥٤٨).