مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[عودة للكلام على مؤدى خبر العرض، واتضاح ما قرره الإمام المهدي # حول أقسامه]

صفحة 65 - الجزء 1

  واتَّضَحَ لكَ مَا قَرَّرَه الإمامُ [المهدي محمد بن القاسم] في هذه الأَقسام، التي لا يخرجُ عن أَحدِها ما وَرَدَ عن سَيِّدِ الأَنام، وما أَبرزه في ذلك من الأَدلة عَلَى ما يؤخذ منها وما لا يؤخذ، وأنَّ الكتابَ والسُّنَّةَ متحالفان لا يتخالفان، وأَزَاحَ ذلك كلَّه في هذه الألفاظِ القصيرة، المتضمنةِ للمعاني البالغةِ الكثيرة.

  وهكذا كلامُ الإمامِ في كلِّ مقام، ولله القاضي العلامةُ صارمُ الإسلام، وخاتم الأعلام، إبراهيمُ بن عبدالله الغالبي ® حيث يقول في وَصْفِ كلامٍ للإمام:

  «فلا يَبْرَحُ الناظرُ مستخرِجًا للدُّرِّ الحسان، إلى أَنْ يَنتهيَ إلى ما لا يخطر عَلَى الأَسماع والأَذهان ...» في كلام طويل⁣(⁣١).

  فهذه هي البلاغةُ والإيجازُ التي لا يشق لها غبار، ولا يُلْحَقُ بِهَا آثار، وكم مِنْ غَوامضَ وعَويصاتٍ صَيَّرَهَا مُشْرِقَةَ البيان، مُؤنقةَ البرهان، وكم مِنْ حُجَّةٍ أقامَهَا، ومَحَجَّةٍ أَوْضَحَ أعلامَهَا، ولا غَرْوَ فإنَّهَا نابعةٌ من عُبَابِ العلوم، ولُبَابِ المنطوقِ والمفهوم، الذي اغترفتْ من إِفاضتِهِ علماءُ الأُمَّة، وارتشفتْ⁣(⁣٢) من فَضَالَتِهِ أَعلامُ الأَئِمَّة، وماذا يقال في كلامٍ: عليه مَسْحَةٌ من العِلْمِ الرَّبَّانِي، وجَذْوَةٌ مِن الكلامِ النَّبَوِيّ.

  كيف لا؟! وصاحبُهُ الإمامُ القائمُ بحجة اللَّهِ تعالى عَلَى الأنام، والْمُجَدِّدُ لدين اللَّه إذ أَشْرَفَ عَلَى الانْهِدَام.

  وكذلك أهلُ بيتِ النبوةِ لم يَزَلِ اللَّهُ تَعَالَى يُقِيمُ للأُمَّةِ في كُلِّ قَرْنٍ منهم مَن يَكْشِفُ الغُمَّةَ، ويَجْلُو غَيَاهِبَ الظُّلْمَة.

  وللَّهِ السَّيِّدُ الإمامُ محمدُ بْنُ إبراهيمَ الوزير حيث يقول:


(١) تجده في آخر كتاب (البدور المضية جوابات الأسئلة الضحيانية) (ص/١٢٥ - ١٢٦).

(٢) «رَشَفَ رَشْفًا: اسْتَقْصَى فِي شُرْبِهِ فَلَمْ يُبْقِ شَيْئًا فِي الْإِنَاءِ، وَالرَّشْفُ: أَخْذُ الْمَاءِ بِالشَّفَتَيْنِ، وَهْوَ فَوْقَ الْمَصِّ». (المصباح) بتصرّف.