فتاوى وبحوث فقهية
  الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَصَلَوَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى رَسُولِهِ الأِمِينِ، وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ:
  الجَوَابُ، واللهُ الهَادِي إِلَى مَنْهَجِ الصَّوَابِ عَنِ الْمَسْأَلَتَينِ:
  أَمَّا الأُولَى: فَالحَجُّ مُمْكِنٌ مِنْ دُونِ فِعْلِ الْمَحْظُورِ، بِأَنْ تَجْتَنِبَ مَوَاضِعَ الْمُزَاحَمَةِ وَالْمُمَاسَّةِ لِلرِّجَالِ، بِحَسَبِ الأَمَاكِنِ، وَإِنْ وَقَعَ بِدُونِ عَمْدٍ وَلَا قَصْدٍ فَلَا مُؤَاخَذَةَ فِيهِ، {لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ}[البقرة: ٢٨٦]، {وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ}[الأحزاب: ٥]، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الحَجِّ إِلَّا بِفِعْلِ الْمَحْظُورِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَسْقُطُ وُجُوبُ الأَدَاءِ، وَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ إِلَّا بَعْدَ اليَأْسِ، كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ.
  وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فَقَدْ أَجَابَ عَنْهَا الإِمَامُ الْمُجَدِّدُ لِلدِّينِ الْمَهْدِيُّ لِدِينِ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ مُحَمَّدُ بْنُ القَاسِمِ الحُوثِيُّ ® بِمَا لَفْظُهُ:
  عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ أَكْثَرَ الحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ مُطْلَقًا؛ لِحَدِيثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ # كَمَا فِي (الاِنْتِصَارِ) وَ (ضِيَاءِ ذَوي الأَبْصَارِ) عَنِ (الْمُنْتَخَبِ) وَغَيْرِهِمَا.
  فَإِنْ كَانَ لِفَوقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنَ الوَفَاةِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ، وَلَوْ حَصَلَتْ أَمَارَاتٌ فَيَجِبُ القَضَاءُ بِحُكْمِ الدَّلِيلِ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجْرَى العَادَةَ أَنَّ الحَمْلَ لَا يَلْبَثُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا؛ لِمَا فِي تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ، إِذْ لَوْ أَطْلَقَ الحُكْمَ لَاضْطَرَبَتِ الأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ فِي ذَلِكَ، وَأَدَّى إِلَى مَفَاسِدَ.
  وَلِأَنَّ الأَمَارَاتِ إِنَّمَا هِيَ قَرَائِنُ مُفِيدَةٌ لِلْظَّنِّ، وَلِهَذَا نَصَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى عِلَاجِ العِلَّةِ الَّتِي تَرْفُسُ فِي البَطْنِ كَالجَنِينِ، وَكَذَلِكَ انْقِطَاعُ الحَيْضِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَمَارَاتِ الحَمْلِ يحصل العِلَلَ، وَلِمَا يَجُوزُ عَلَى البَشَرِ مِنَ العَمْدِ وَالخَطَأِ، وَيَجُوزُ أَنْ تُجَامَعَ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ زَائِلَةَ العَقْلِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذِهِ التَّجْوِيزَاتُ تُصَيِّرُ إِلْحَاقَهُ مَظْنُونًا ظَنًّا لَا يُقَاوِمُ الدَّلِيلَ الَّذِي اسْتُفِيدَ مِنْهُ الحَدُّ بِالقَدْرِ الْمَعْلُومِ الْمُطَابِقِ لِمَصْلَحَةِ الأَحْكَامِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: إِنَّهَا تُحَدُّ، وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الحَدِّ؛ حَمْلًا لَهَا عَلَى السَّلَامَةِ؛ لِتَجْوِيزِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِكْرَاهِ وَالنَّوْمِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي إِلْحَاقَ