فتاوى وبحوث فقهية
(إسقاط الحمل قبل نفخ الروح فيه)
  وَرَدَ سُؤَالٌ حَوْلَ إِسْقَاطِ الْحَمْلِ.
  وَالْجَوَاب، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلْصَّوَاب: أَنَّهُ يَجْوزُ إِسْقَاطُ الْحَمْلِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
  وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا أَفَادَ الطَّبِيبُ الْمُخْتَصُّ أَنَّ فِي بَقَاءِ الْحَمْلِ ضَرَرًا كَبِيرًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ أَنْ تُسْقِطَ الْحَمْلَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ؛ لِقَوْلِهِ ÷: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الإِسْلَامِ»، الْخَبَرُ الْمَعْلُومُ.
  وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ الإِسْقَاطِ بِالتَّرَاضِي: مَا ثَبَتَ مِنْ جَوَازِ الْعَزْلِ عَنِ الْحُرَّةِ بِرِضَاهَا، وَغَيْرِ الْحُرَّةِ مُطْلقًا(١)؛ وَإِذْ هُوَ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ النُّطْفَةِ وَنَحْوِهَا لَا حُرْمَةَ لَهُ(٢).
  وَرَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ¥ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ÷ فَقَالَ: إِنَّ لِي جَارِيَةً هِىَ خَادِمَتُنَا وَسَاقِينَا فِي النَّخْلِ(٣)، وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا، وَأَكْرَهُ أَنْ تَحْملَ.
  فَقَالَ: «اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ؛ فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ(٤)، وَأَبُو دَاودَ(٥).
  وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَه(٦) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ÷ أَنْ يُعْزَلَ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا.
  وَمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْعَزْلِ(٧)، وَأَنَّهُ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ، مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ
(١) وهو المقرر للمذهب الشريف. انظر (شرح الأزهار) (٢/ ٣١٩).
(٢) قال في (الانتصار): «يجوز تغيير النطفة في الرحم، والعلقة والمضغة بإدخال الأدوية؛ لأنه لا حرمة لها قبل نَفْخِ الرُّوح فيها». انتهى من (شرح الأزهار) (٢/ ٣٢٠).
(٣) في مسلم: وَسَانِيَتُنَا. أي التي تَسْقِي لَنَا.
(٤) مسلم برقم (٣٥٥٦)، و (٣٥٥٧)، و (٣٥٥٨)، ط: (المكتبة العصرية).
(٥) سنن أبي داود (٢/ ٢٥٢)، رقم (٢١٧٣).
(٦) سنن ابن ماجه رقم (١٩٢٨).
(٧) مسلم رقم (٣٥٦٥)، سنن ابن ماجه رقم (٢٠١١).