[ادعاء ابن الأمير أن المغفرة لا تكون إلا للكبائر، والجواب عليه]
  ثم تاب وعَاجَلَهُ الموت ...» إلخ ما في ذلك الصفح [١/ ٢٤٨].
  الجواب: هذه حَالَةٌ نادِرَةٌ فَرْضِيَّةٌ لا يَليقُ لذي قَدَمٍ أَنْ يَجْعَلَهَا طريقًا إلى النَّقْض، عَلَى أَنَّهُ قد أَتَى بالواجبِ عليه، وانتهى عن القبيح، وهو المراد.
  وقوله(١): «هذا الدليلُ الذي استدل به المصنِّفُ(٢) لا يُسَاوِي الدَّعْوَى(٣)؛ لأنَّهُ ليس فيه(٤) ذِكْرُ اجتنابِ المقبحات، ولا في الدَّعْوَى: وَجَلُ القلب، وزيادةُ الإيمان عند تلاوة الآيات، فلم يُسَاوِ الدليلُ الدعوى ...» الخ ما في ذلك الصفح [١/ ٢٤٨].
  الجواب: يُقَالُ: وَجَلُ القَلْبِ وزِيَادَةُ الإِيمَانِ يَشْمَلُهُمَا التَّصْدِيقُ، وأَمَّا تَرْكُ الْمُقَبَّحَاتِ فَمِنَ المعلومِ أَنَّ مَنْ حَصَلَتْ فيه هذه الأَوْصَافُ تَرَكَ الْمُقَبَّحَات.
  عَلَى أَنَّهَا قد دَلَّت الآيةُ دَلالةً قاطعةً أَنَّ الإيمانَ اعتقادٌ وعَمَل، فَبَطَلَ القولُ بأنَّهُ التصديقُ لا غير، وإذا بَطَلَ ذلك ثَبَتَت الدعوى؛ إذ لا قائلَ من الأُمَّةِ أَنَّ الإيمانَ: التصديقُ والإتيانُ بهذه الأَوصافِ المذكورةِ في الآيةِ فقط، وهذا واضح.
  وَلَكِنَّهَا الأَهْوَاءُ عَمَّتْ فأَعْمَتِ(٥).
[ادِّعاء ابن الأمير أنَّ المغفرة لا تكون إلَّا للكبائر، والجواب عليه]
  قوله(٦): «دلت على أنهم يأتون من المقبحات ما يُحتاجُ معه إلى المغفرة لقوله لهم مغفرة؛ فإنَّه لا مغفرةَ إلَّا لذنبٍ كبير؛ إذ الصغيرة مُكَفَّرَةٌ في جنب اجتناب الكبائر، فلا تفتقر إلى المغفرة ...» إلخ.
(١) أي ابن الأمير محمد بن إسماعيل.
(٢) وهي قولُه تعالى: {إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ ٢ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ ٤}[الأنفال].
(٣) أي تعريف ابن الإمام @ للمؤمن شرعًا.
(٤) أي الدليل.
(٥) عَجْزُ بيتٍ، صدرُهُ: وَنَهْجُ سَبِيْلِي وَاضِحٌ لِمَنِ اهْتَدَى.
وهو لابن الفارض كما في ديوانه (ص/٣٢)، ط: (دار المعرفة - بيروت).
(٦) أي ابن الأمير محمد بن إسماعيل.