مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[ادعاء ابن الأمير أن قوله تعالى: {إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ} واردة في الكفار]

صفحة 86 - الجزء 1

  وإذا كان المطلوبُ: العلمَ، فالحكيمُ سبحانه لا يُكَلِّفُ عبادَهُ العلمَ بما لا يُفيدُهم.

  فلو أَطْلَقَ العامَّ وأرادَ الخاصَّ مِنْ دون بَيَانٍ قَاطِعٍ مِثْلِهِ لكان تكليفًا بما لا يُطَاقُ، واللَّهُ يتعالى عنه، فتأمل تُصِبْ.

[ادِّعاء ابن الأمير أنَّ قوله تعالى: {إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ} واردة في الكفار]

  وقوله: «أقول: الآية⁣(⁣١) واردةٌ في الكفارِ، وسياقُهَا فيهم ...» إلخ.

  الجواب: اعلم أنَّ مدارَ كلامِهِ هنا عَلَى الاستدلالِ بالمفاهيم، والأحاديثِ المختلقَةِ في مُعَارَضَةِ صرايحِ الآياتِ القاطعة، ومتواترِ السنَّةِ الساطعة.

  وَالْحَقُّ أَبْلَجُ وَالْبُرْهَانُ مُتَّضِحٌ ... وَبَيْنَنَا مُحْكَمُ الآيَاتِ وَالسُّوَرِ⁣(⁣٢)

  · قولُهُ تعالى: {إِنَّ ٱلۡخِزۡيَ ٱلۡيَوۡمَ وَٱلسُّوٓءَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٢٧}⁣[النحل]، يُحْمَلُ إِمَّا عَلَى الخِزيِ الكامل، أو يَكونُ قَصْرًا إضافيًّا، والْمُتَعَيَّنُ هنا كونُهُ: قَلْبًا، وهو أَحَدُ أقسامه⁣(⁣٣)، باعتبار المخاطبين.

  والموجِبُ لهذا منطوقُ قولِهِ تعالى: {إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ ١٩٢}⁣[آل عمران].

  فالحكيمُ سبحانه لا تَنَاقُضَ في شيءٍ من حُجَجِهِ وكلامِه {لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ ٤٢}⁣[فصلت].

  · وأَمَّا الخروجُ من النَّار، فهيهاتَ هيهات، دونَهُ التصديقُ بكلامِ الحكيمِ الجبار: {أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ ١٩}⁣[الزمر]، {وَإِنَّ ٱلۡفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٖ ١٤ يَصۡلَوۡنَهَا يَوۡمَ ٱلدِّينِ ١٥ وَمَا هُمۡ عَنۡهَا بِغَآئِبِينَ ١٦}⁣[الإنفطار]، {وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ ...} إلخ [النساء ١٤].


(١) أي قوله تعالى: {إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ}⁣[آل عمران ١٩٢] الآية.

(٢) للسيد الإمام صارم الدين الوزير (ع)، وهو من أبيات البَسَّامَة.

(٣) أي أحد أقسام القَصْرِ الإضافي؛ لأنَّه ثلاثة أقسام: قَلْب، وإِفراد، وتعيين، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيانه وشرحه للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # في (القسم الثاني) في التعاليق على (الروض النضير).