مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[بحث في التحسين والتقبيح، وإدراكات العقل، وتخليط ابن الأمير في ذلك]

صفحة 91 - الجزء 1

[بحث في التحسين والتقبيح، وإدراكات العقل، وتخليط ابن الأمير في ذلك]

  ومما أجاب به مولانا الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # على الأمير في حاشيته المذكورة ما نصه:

  (٢): قال الأمير في (الجزء الأول صفح/٣١٣):

  «إذا عرفتَ هذا علمتَ أنَّ ذِكْرَ العاجل والآجل والإثابة والعقاب تخليطٌ لا يليق بِمُصَنِّفٍ أنْ يَضُمَّهُ إلى محل النِّزاع فيما يدرك العقل ...»، إلى قوله:

  «إذا عرفتَ أن إدخالَ الثوابِ والعقابِ والعاجلِ والآجِلِ في محل النزاع باطل، وقد علمتَ أَنَّ صفةَ الكمالِ هي الْحُسْن، وصفةَ النقصِ هي القُبْح، عرفتَ أنَّه قد اتَّفَقَ المعتزليُّ وخصمُهُ عَلَى إدراكِ العقلِ لهما ...» إلخ كلامه.

  الجواب: اعلم أيها المطّلع وفقنا اللَّه تعالى وإياك أنَّ مَنْ ذَكَرَ العاجل والآجل لم يقصد إلَّا أنَّ الاستحقاق ثابتٌ عَلَى جهة الاستمرار والدوام، ولم يريدوا باعتبار الآخرة، وأنَّ العقلَ يُدْرِكُ تفصيلَ أحوالِ الجنةِ والنارِ، والثوابِ والعقاب، هذا لا تَتَطَرَّقُ إليه الأَوْهَام، ولا يقولُهُ عاقل.

  إذا عرفتَ هذا تَبَيَّنَ لك عدم ورود ما كرره في هذا المقامِ: الأميرُ، ومَنْ حذا هذا الحذو من الناظرين، وأنَّ كلامَ الإمامِ القاسمِ وولدِهِ الحسينِ ومَن سَلَكَ هذا المسلكَ صحيحٌ لا غُبَارَ عليه، وأَنَّ دعوى الأَميرِ الاتفاقَ بين العدليَّةِ والجبرية في الْحُسْنِ والقُبْح العقليين، وَرَفْعَ الخلاف نِزاعٌ في المعلوم الضروري، وجَهْلٌ أو تجاهلٌ بصرائح أقوالِهِم المعلومَةِ، واللَّهُ تعالى وليُّ التوفيق.

  (٣): قال الأمير في (ج ١/صفح ٣٢٠): «أقول: إن كان الاعتمادُ عَلَى هذا⁣(⁣١) دَلَّ عَلَى نفي ما أثبتوه من إدراك العقل صفةَ النقص؛ لأنَّه لم يُلجئهم إلى هذا الجوابِ إلَّا عَدَمُ التفرقة بين القُبْحِ العقلي وصفةِ النقص، وهذا خلافُ ما قرَّروه من الاتِّفاق من إدراكِ العقلِ صفةَ النقص ...» إلخ كلامه.


(١) وهو أنَّ امتناع الكذب عليه تعالى إنَّما هو لخبر النبي ÷، وذلك يعلم بالضرورة من الدين. قال الإيجي في (المواقف) والشريف في (الشرح) (٨/ ١١٧): (وعليه الاعتماد) لصحته ودلالته على الصدق في الكلام النفسي واللفظي معًا.