[126] الفقيه أبو محمد، عمارة بن أبي الحسن علي
  قال: ولمّا مات العاضد لدين اللّه في يوم عاشوراء سنة سبع وستين وخمسمائة، احتاط الطواشي قراقوش مولى صلاح الدين بن أيوب على أهل العاضد وأولاده، فكان عدّة الأشراف في القصور مائة وثلاثين، والأطفال خمسة وسبعين، وجعلهم في مكان أفرد لهم خارج القصر، وجمع عمومته وعشيرته وعترته في إيوان بالقصر، واحترز عليهم، وفرّق بين الرجال والنساء كي لا يتناسلوا، وليكون ذلك أسرع لانقراضهم، وتسلّم السلطان صلاح الدين القصر بما فيه من الخزائن، وفرّق الجواري والموالي، بين أصحابه(١) والتفصيل يطول.
  وقال الفقيه عمارة يرثيهم، وبسبب هذه القصيدة قتل.
  قال ابن سعيد(٢) ولم يسمع فيما نكبت به دولة بعد انقراضها أحسن منها وهي:
  رميت يا دهر كفّ المجد بالشلل ... وجيده بعد حسن الحلي بالعطل
  سعيت في منهج الرأي العثور فإن ... قدرت من عثرات الدهر فاستقل
  جدعت مارنك الأقنى فانفك لا ... تنفك ما بين قرع السنّ والخجل
  هدمت قاعدة المعروف عن عجل ... شقيت مهلا أما تمشي على مهل
  لهفي ولهف بني الأمال قاطبة ... على فجيعتها في أكرم الدول
  قدمت مصرا فأولتني خلائفها ... من المكارم ما أربى على الأمل
  قوم عرفت بهم كسب الألوف ومن ... نمامها أنها جاءت ولم أسل
  وكنت من وزراء الدست حين سما ... رأس الحصان بهاديه على الكفل
  ونلت من عظماء الجيش مكرمة ... وخلّة حرست من أعظم الخلل
  يا عاذلي في هوى أبناء فاطمة ... لك الملامة أن قصرت في عذلي
  باللّه زر ساحة القصرين وابك معي ... عليهما لا علا صفّين والجمل
  وقل لاهليهما واللّه ما التحمت ... فيكم جراحي ولا قرحي بمندمل
  ماذا عسى كانت الإفرنج فاعلة ... في نسل آل أمير المؤمنين علي
(١) الخطط المقريزية ٢/ ٣٩٩.
(٢) في الخطط: «ابن سعد».