نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[130] أبو شجاع، عضد الدولة، فناخسرو بن ركن

صفحة 482 - الجزء 2

  الإسلام، ملك أذعن لطاعته كل صعب القياد، ولان لهيبته حتى الصّفوان الجماد، وتهلّل بدولته خدّ السيف ورقص الذابل، ودعى له بالنصر قلب الجيش فأمّن الصاهل، جمع الفضل وفرّق المال، ولاح بدرا للسعادة فحكمت العليا له بالكمال، وكان يجمع إلى لباس السخاء ويرسل مع الزعزع إلى العدا للأولياء الرخاء، ولم يبلغ أحد من أهله شأوه، فإنه أحاط بما بين بحيرتي طبرية وساوة.

  كما أشار إليه ابن خلكان، وقال: إنه ملك ما ملكوه وملكهم معروف في التواريخ وضمّ إلى ما كان لهم الموصل والجزيرة، وملك دمشق وخطب له بحلب وملك فارس وكرمان والبحرين وأصفهان وبغداد والبصرة وما إليهما والأهواز⁣(⁣١).

  وذكر ابن الجوزي في شذور العقود: إن معز الدولة أحمد وهو أصغر الأخوة، كان في أوّل أمره يحمل الحطب على رأسه، ثم ملك هو وأخوته البلاد وآل أمرهم إلى ما آل، ودانت لعضد الدولة البلاد والعباد، ودخل في طاعته كل صعب القياد، وهو أوّل من خطب له ببغداد بعد الخليفة، وكان فاضلا محبّا للفضلاء، مشاركا في عدة فنون، شاعرا أديبا.

  وكان الشيخ أبو علي الفارسي ألّف كتاب «الإيضاح والتكملة في النحو» وسايره يوما في ميدان شيراز، فقال له عضد الدولة: إذا قلنا جاء القوم إلّا زيدا، فما الناصب لزيد؟ قال أبو عليّ العامل المقدّر ومعناه استثنى زيدا، قال عضد الدولة فهلّا رفعت زيدا وقدّرت العامل امتنع زيد، فأفحم أبو علي وقال: هذه مسألة ميدانية، ورجع أبو علي إلى منزله وصنع رسالة أوضح فيها الحجّة على نصب المستثنى وسيّرها إليه.

  وكان عضد الدولة من كبار الشيعة وأخذ عن الشيخ المفيد ابن النعمان فقيه الإمامية، وكان يزوره في موكبه العظيم ولا يفتيه غيره.

  وأمره بعمارة مشهد أمير المؤمنين علي # بالنجف، وعمل عليه قبّة مزخرفة، ووقف عليه الأوقاف الواسعة، وأوصى أن يقبر بجواره فنفذت وصيّته، وكان كريما ممدوحا، مدحه مشاهير الشعراء مثل: أبي الطيّب قصده من مصر كما سلف، والسلامي وابن الحجاج، وأضرابهم.


(١) التاجي.