نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[130] أبو شجاع، عضد الدولة، فناخسرو بن ركن

صفحة 484 - الجزء 2

  كأنّما رشّ بالماورد واعتبقت ... به دواجن تدخين وتبخير

  كأنّ أوراقه في القدّ أجنحة ... صفر وبيض وحمر من زنابير⁣(⁣١)

  ولقد أجاد تشبيهه وأحسن الغرابة، وأورد له من قصيدة [من الرمل]:

  ليس شرب الراح إلّا في المطر ... وغناء من جوار في السحر

  مبرزات الكأس من مطلعها ... ساقيات الراح من فاق البشر

  ناعمات سالبات للنهي ... فائقات في تضاعيف الوتر

  عضد الدولة وابن ركنها ... ملك الأملاك غلّاب القدر

  وذكروا: إنّه لم يفلح بعد قوله «غلّاب القدر».

  وقال ابن خلكان: أن الفتكين ويكنّى أبا منصور وكان نائب عضد الدولة بدمشق كتب إليه: إن الشام قد صفى وصار في يدي، وزال عنه حكم صاحب مصر، وإن قوّيتني بالمال والعدد حاربت القوم في مستقرّهم، فكتب عضد الدولة جوابه هذه الكلمات الوجيزة وجمعها من الجناس الخطّي وإنّما تبين بالضبط، وهي: «غرّك عزّك فصار قصارا ذلك ذلّك، فاخش فاحش فعلك، فعلّك بهذا تهدى⁣(⁣٢) والسلام» وهذه تكفيه في البلوغ في أعلى طبقات البلاغة.

  وكان الفتكين المذكور مولى معز الدولة بن بويه، فغلب على دمشق وهي حينئذ للعزيز بن نزار بن المعز، فقصده المعزّ بنفسه، فالتقى الجيشان وجرت مقتلة عظيمة، فانكسر الفتكين وتحصّن في الرّملة، وأعان الفتكين بعض قرامطة الشام الثائرين تلك الأيام، وقصّته طويلة بسطها المقريزي، ولمّا فرّ الفتكين قطع عليه الطريق دغفل بن الجرّاح الطائي البدوي، وحمله إلى العزيز وفي عنقه حبل، فأطلقه وأمر بمداوات جراحه وخلع عليه، فأقام يسيرا مكرما ثم مات، فكانت هذه الفعلة تعدّ من مناقب العزيز⁣(⁣٣).

  وذكر أبو علي المحسّن التنوخي في كتاب «الفرج بعد الشدة» نكتة غريبة وقعت لعضد الدولة، وفيها ما دلّ على عناية أمير المؤمنين # بمحبيه قال:


(١) يتمية الدهر ٢/ ٢١٨.

(٢) وفيات الأعيان ٤/ ٥٣.

(٣) وفيات الأعيان ٤/ ٥٤، الخطط المقريزية.