نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[132] أبو دلف، القاسم بن عيسى بن إدريس

صفحة 501 - الجزء 2

  وإن أهلك تجد فقدي وتخذل ... إذا التقت العوالي في الحروب

  فهل لك أن تدارك ما لدينا ... ولا تغلب على الرأي المصيب

  فإني قد وكلت اليوم أمري ... إلى ربّ قريب مستجيب⁣(⁣١)

  ثم إن النعمان ندم على قتل عدي وعلم أنه قد احتيل عليه واجترأ عليه أعداؤه وهابهم، فخرج يوما إلى الصيد فلقي ابنه زيد بن عدي فعرفه بالشبه، وانتسب له فأعجبه كلامه وظرفه، وفرح به فرحا شديدا، وكتب إلى كسرى يرغبه أن يجعله مكان أبيه بعد أن تبرأ من قتل أبيه، فحظى زيد عند كسرى وتولّى عنه المكاتبة إلى ملوك العرب والنظر في خاصته، وسأله عن النعمان فأثنى عليه ومكث سنوات في رتبة أبيه وازداد اعجاب كسرى به⁣(⁣٢).

  وكانت لملوك العجم صفة من صفات النساء مكتوبة، فكانوا يبعثون بها في البلاد فمن أين وافقت حملت الا أنهم كانوا لا يحسبونها عند العرب فبدا لكسرى في طلب تلك الصفة، فأمر بالكتب فيها إلى النواحي.

  فقال زيد لكسرى: أراك تعدل بهذه الصفة عن العرب، وأني لا أعلم أن عند النعمان بناته وأخواته وسائر أهله أكثر من عشرين امرأة بهذه الصفة، قال: فاكتب فيهنّ، فقال: أيّها الملك إن العرب خاصّة النعمان زعموا يتكرّمون بأنفسهم عن العجم وأنا أخاف أن يغيبهن عن رسولك ويظهر غيرهن ولكن ابعثني ومعي آخر يفهم العربية حتى أبلغ ما تريد ففعل ذلك كسرى وبعث معه أميرا، فسار إلى النعمان وأبلغه رسالة كسرى فشقّ عليه وقال والرجل الآخر يسمع: أما في مهى السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته؟ فقال الرجل لزيد بالفارسية: ما المهى والعين؟ قال: كاوان يعني البقرة، وقال زيد للنعمان: أنّما يريد الملك كرامتك ولو علم أنه يشتق عليك ما فعل، وكتب النعمان إلى كسرى أن تلك الصّفة ليست عنده، وسأل زيدا أن يعتذر عنه فقرأ زيد على كسرى كتابه وقال: قد كنت عرفتك ظنّهم بنسائهم وأخبره الرجل بما سمع فشنّعه فعصب كسرى وتوعدّ النعمان فبلغه ذلك وسكت كسرى شهورا وكتب إلى النعمان أنه يقبل إليه فخاف وهرب إلى جبلي طي ثم طوّف في قبائل العرب فارّا بنفسه، ثم حمل نفسه على الألقاء بيده


(١) الأغاني ٢/ ١٠٣ - ١٠٤.

(٢) الأغاني ٢/ ١١١ - ١١٣، باختصار.