نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[132] أبو دلف، القاسم بن عيسى بن إدريس

صفحة 510 - الجزء 2

  ولما مرض مرض موته حجب الناس عن الدخول لثقله فأفاق يوما فقال لحاجبه: من بالباب من المحاويج؟ قال: عشرة من الأشراف وصلوا من خراسان ولهم بالباب أيّام ولم يجدوا طريقا فقعد على فراشه واستدعاهم، فدخلوا فرحب بهم وسألهم عن بلادهم وأحوالهم وسبب قدومهم، فقالوا: ضاقت بنا الأحوال، وسمعنا بكرمك فقصدناك، فأمر خادمه باحضار بعض الصناديق، فأخرج عشرين كيسا في كلّ كيس ألف دينار، ودفع إلى كل واحد منهم كيسين ثم أعطى كل واحد منهم مؤنة طريقه، وقال لهم: لا تمسّوا الأكياس حتى تصلوا بها سالمة إلى أهليكم، واصرفوا هذه النفعة في مصالح الطريق، ثم قال: ليكتب كل واحد منكم أنه فلان بن فلان حتى ينتهي إلى علي #، ويذكر جدّته فاطمة ابنة رسول اللّه ÷، ثم يكتب: يا رسول اللّه إني وجدت فاقة وإضاقة وسوء حال في بلدي فقصدت أبا دلف العجلي، فأعطاني ألف دينار كرامة لك، وطلبا لمرضاتك، ورجاء لشفاعتك، فكتب كل منهم خطّه وتسلّم الأوراق، وأوصى من يتولّى تجهيزه إذا مات أن يضع تلك الأوراق في كفنه، حتى يلقى بها رسول اللّه ÷ ويعرضها عليه⁣(⁣١).

  وذكر أبو الحسن المسعودي في مروج الذهب: أن دلف بن أبي دلف كان ضدّ مذهب أبيه فأقبل ذات يوم يحدّث بعض أهلهم فقال: إن الشيعة تقول أنه لا يبغض عليّا إلّا فاسد النسب وأنا أكرهه، وقد علمتم غيرة الأمير وأنه لا يمكن الطعن في حرمه، وكان أبوه بحيث يسمع ولا يراه فدخل وقال: سمعت ما تكلمت به والشيعة صادقة، وأنت واللّه فاسد النسب، وذلك أني كنت أحبّ جارية لأختي ولم تسمح ببيعها ولا هبتها فاتفق أني مرضت فلما أبللت بعثت أختي تلك الجارية لتعودني، فلما رأيتها لم أتمالك أن وقعت عليها وكانت حائضا، فعلقت بك لغير رشد ولا طهارة.

  ثم أدّت عداوة دلف لأبيه حتى وضع رؤيا ذكر أنه رآها لأبيه ذكرها ابن خلكان⁣(⁣٢).


(١) وفيات الأعيان ٤/ ٧٧ - ٧٨.

(٢) في الوفيات ٤/ ٧٨.