نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[132] أبو دلف، القاسم بن عيسى بن إدريس

صفحة 509 - الجزء 2

  فلو كان فعلك ذا في الطعام ... لزمت قياسك في المسكر

  ولو كنت تطلب شأو الكرام ... صنعت صنيع أبي البختري

  تتبّع إخوانه في البلاد ... فأغنى المقلّ عن المكثر

  فبلغ شعره أبا البختري فبعث له بثلاثمائة دينار⁣(⁣١).

  قال ابن عمّار، فقلت له: قد فعل جدّ هذا الفتى في المعنى أحسن ممّا ذكرت، قال: وما فعل؟ قلت: بلغه إن أبا عبد اللّه أحمد بن صالح مولى بني هاشم، وكان أسود مشوّه الخلق شاعرا أديبا افتقر، فقالت له امرأته: يا هذا إنّ الأدب قد سقط نجمه، وطاش سهمه، فاعمد إلى سيفك ورمحك فادخل مع الناس في غزواتهم عسى اللّه أن ينفلك من الغنيمة شيئا فقال:

  مالي ومالك قد كلّفتني شططا ... حمل السلاح وقول الدّارعين قف

  أمن رجال المنايا خلتني رجلا ... أمسي وأصبح مشتاقا إلى التلف

  تمشي المنايا إلى غيري فأكرهها ... فكيف أمشي إليها بارز الكتف

  ظننت أن نزال القرن من خلقي ... أو أن قلبي في جنبي أبي دلف

  فأحضره أبو دلف وقال: كم أمّلت امرأتك أن يكون رزقك لو افترضت في الديوان؟ قال: مائة دينار، قال: وكم أمّلت أن تعيش؟ قال: عشرين سنة، قال:

  ذلك لك عليّ في مالي دون مال السلطان، وأمر له بأربعة آلاف دينار ضعف ما أمّل.

  قال أحمد: فرأيت وجه ابن أبي دلف تهلّل وانكسر وجه ابن أبي البختري انكسارا شديدا⁣(⁣٢).

  وكان أبو دلف مع هذه الشجاعة والجود والأدب، فاضلا في العلوم وله تصانيف تناسبه، فمنها كتاب: «البزاة والصيد»، وكتاب «السلاح» وكتاب «النزه».

  وكتاب «سياسة الملوك» وغير ذلك⁣(⁣٣) وكان أبوه عيسى قد ابتدأ عمارة الكرج وأتمّها هو وكان بها أهله وعشيرته وأولاده⁣(⁣٤) وكان شيعيّا.


(١) الأغاني ٨/ ٢٦٤، وفيات الأعيان ٦/ ٣٨.

(٢) الأغاني ٨/ ٢٦٤ - ٢٦٥.

(٣) وفيات الأعيان ٤/ ٧٤.

(٤) وفيات الأعيان ٤/ ٧٦.