نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[133] الإمام المنصور بالله أبو محمد، القاسم

صفحة 512 - الجزء 2

  ويكمن ويثور تقيّة وتقوى، حتى عضدته السعادة، وشهد الإقبال لأصحابه أنّ لهم إحدى الحسنيين أما الظفر أو الشهادة، فقاتلوا معه قتال بكر يوم ذي قار حميس الهرمزان، ومكّنوا في آل قيصر كما مكّن أولئك من آل ساسان، وجاء نصر اللّه والفتح، وتبّت يد العدوّ وشمل كباشة الذبح بهمة لو تعالى عليها السماك شمله النطح، وعزيمة لولا سالمها الليل لأشفق فما أرسل الرعي ما أنبت نهر مجرّته السرح، يخافه عدوّه صباحا وبياتا، وإن لم يبعث أسوده عليه مجتمعين أرسلهم ثباتا:

  تعود أن لا تقضم الحبّ خيله ... إذ الهام لم ترفع جنوب العلايق

  ولا ترد الغدران إلّا وماؤها ... من الدم كالريحان تحت الشقايق

  بل لم تقضم إلا بأسنّة الخطّ حب القلوب، ولم يورد إلّا علق الحشايش غير ممزوج شقيقها ولا مشوب، حتى نسخت بآل يس سورة الروم، وظهر ذلك السابق في الحلبة ففرّ سكيت العدوّ الهجين وهو ملطوم، ونودي بسعادة من السماء فسمع الواعي، وعندها فرّ شيطان البغي وتلى فتولّ عنهم يوم يدعو الداعي.

  وكان أوّل حاله يطلب العلم بصنعاء وجبله، ويضمر الشأن الذي ولّدته همته والجبلة، ولا يملك إلا الصحيفة، بلى ومعها النفس الخطيرة الشريفة.

  ثم آل أمره إلى ما آل، وقاد بالسهولة الكتائب الجبال، وطالما طلبه أمراء الرّوم حين شاع فضله وأفصح كاتمه، ووقفوا على مواضع درسه ومكامنه وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه، وطلبوه طلب مروان الحمار للسفاح، وكيف يدرك الهلال وأن عم نوره الأشباح، وكان يغزو بنفسه في تلك الحالة، فربّما أصاب مالا فغنمه أو شخصا فاغتاله.

  أخبرني شيخي الزاهد الصوفي الحسن بن الحسين بن المنصور⁣(⁣١) حفيده:

  أن صوفيّا بصنعاء كان شديد الخلاعة، وكان يأكل الحشيش أكل الحمار ويبيح المحرّمات رعاعه، فكمن له الإمام القاسم في بعض الأزقّة كمون الأفعوان حتى إذا مرّ به فضربه بعمود فأخرج دماغه من بين الآذان، ثم خرج من المدينة خائفا يترقب، وكانت عصاه تلك آية موسى تتلقّف ما يصنع الساحر، ودماغه بها يتنقّب.


(١) ترجمه المؤلف برقم ٤٥.