نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[133] الإمام المنصور بالله أبو محمد، القاسم

صفحة 513 - الجزء 2

  وشاع وذاع، وملأ البقاع، أنه كان قبيل ظهوره يجي طائر غريب النوع إلى المنابر في ديجوره فيصيح بصوت فصيح متساجم، يسمع أهل المدينة: «قم يا إمام قاسم».

  وذكر السيد الكاتب مطهر بن محمد الجرموزي في سيرته عن بعض السادة أهل كوكبان الساكنين بصنعاء قال: كنت منحرفا عن الإمام القاسم وكنت إذا سمعت حديث الطائر أعدّه من المحالات، فبتّ ليلة في داري وليس معي مخلوق فيه، فبينا أنا في مجلسي وقد مضى وهن من الليل إذ سمعت مناديا ينادي من أرجاء مجلسي بصوت مهيب موحش، أقشعرّ له بدني: «يا إمام قاسم قم» يكرّره، قال: وكان يخرج القاف من مخرج الحلق على ما هو الفصيح فيها، ولم أر شخصا حتى كاد قلبي ينفطر من الهيبة، ولم أكد أصبح فاستغفرت اللّه وعلمت أن للّه فيه سرّا سيظهره.

  وجرى بيني وبين حفيدة شيخنا الحسن المذكور حديث المنادي فصحّح لي خبره وقال: إنّه روحاني كان يخدم الإمام وينصره بذلك النداء، وكان ابتداء دعوته من بلاد الشرق، والشمس فيه فلذا لم يكده سلطان بعواليه، ولا عدوّ بفيه من جبل اسمه قمر، وبه أضاء شعاع سعادته وأشتهر، وذلك في شهر صفر، لليلة خلت منه سنة ست وألف، واستولى على أكثر بلاد اليمن بعد حروب، كان يعدّها روضته وهي على عدوّه شعوب.

  وكان أعلم الناس، وألّف لبيوت أهل مذهبه الأساس، وكان أيّدا شديد القوّة، وعنده من علم الجفر ما يعلم به انكسار جنس عدوّه الوفر، وكان شاعرا عارفا بغريب اللغة وينحو نحو النابغة، ولم تكن يده عن كل فضل بفارغه، وله قصيدة من الكامل والقافية من المتدارك، سماها «الكامل المتدارك في الردّ على الآفك».

  وردّ عليه السيد محمد بن عبد اللّه بن شرف الدين عن أمر سنان برد أبان عن حمقه وسوء عقيدته، فرد عليه الإمام بقصيدة سمّاها «حتف أنف الآفك في ردّه عن الكامل المتدارك» وهؤلاء المتصوفة في زمنه كانوا متظاهرين بالقول بالحلول والوحدة، وترك الصلوات وإباحة المحرمات مع الجهل المطلق، فإن مثل الشيخ محي الدين بن عربي وأنظاره لما عرف تبحّرهم في المعارف أوّل بعض العلماء أقاويلهم في ذلك صونا للمحقق عن قول الباطل، فأما هؤلاء فليس