نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[133] الإمام المنصور بالله أبو محمد، القاسم

صفحة 517 - الجزء 2

  هؤلاء الظالمين، وهربنا ثاني يوم حتى لحقنا بالسيد عامر عمّ الإمام أحد أمرائه.

  وأمّا مناقب هذا الإمام الجليل فإنّها لا تحصى، ولمّا وقع القحط في آخر أيامه لجأ إليه إلى شهارة الخلائق فبالغ في إعانتهم، قال السيد مطهر عن بعض خواص الإمام: لقد رأيته في تلك الأيام وقد رأى شريفا من الجوف وله ولدان صغيران في نحو الخمس السنين توأمان، وقد قحل لحمهما، ويبس جلدهما من الجهد، فنزل الإمام حتى احتمل أحدهما بنفسه وبعض الأعوان الأخر وأدخلهما داره، وأطعمهما بيده وشوى لهما لحما، ولا أرى دمعته رقأت رحمة لهما وشفقة، وكان يتعاهد بنيّة مريضة بأصناف الطعام بنفسه ويكسوها وإذا لم يجد الطرق لكثرة الناس فتح الكوّة المقابلة لها حتى يوصل إليها ما يأمر به حتى وجد لها مأوى في بيته فأدخلها.

  وفي العيدين كان يفرّق الكسوة العامة، والنفقات والغنم والبقر، وكان يتقدم إلى باب النصر ويأمر بذبح أربعين ثورا وزيادة بقدر من هناك من المساكين، ويأمر للواحد بصاع طعام وما يكفيه من اللحم، وكان يعدّ مخازن مملؤة من الثياب المخيطة للصغار مما يجتمع له من النذور، وتأتي مخيّطة، وقد يشتري زيادة، ثم يأمر بجمع الصغار الذكران والإناث ويجلس والحمالون يدنون منه الثياب فيعطي للصغير قميصا وكوفية، ومن هو أكبر منه يزيده عمامة، ثمّ يجعل في جيوبهم بيده التمر والزبيب ليفرحوا، وللبنات سروالا. وقميصا وخمارا صغيرا لكلّ على قدره، ومن ادّعى أن في بيته ما شاء من العيال أعطاه لهم، وكان مجلسه محفوفا بالعلماء في السلم، وبالشجعان في الحرب.

  وذكر السيد: إن ولادته، كما نقل من خطّه ما نصّه: وجدت بخطّ والدي تاريخ مولدي لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر، واحسبه ذكر أنّها ليلة الاثنين سنة سبع وستين وتسعمائة عدّد «برّ تقي وهب ربك وجواد».

  وحكى عن والدته: إنه لما وقع على الأرض سمعت قول: لا إله إلّا اللّه محمد رسول اللّه، وكان الباشا محمد صالحه على كثير من اليمن عشر سنين.

  وتوفي الإمام أبو محمد المنصور ثلث ليلة الثلاثاء الثاني عشر من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وألف بشهارة من علة البرسام، وكان مرضه ثلاثة عشر يوما، نفعنا اللّه به في الدارين، ودفن بشهارة، وتولى الإمامة ولده المؤيد باللّه محمّد.