نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[138] أبو المستهل، الكميت بن زيد بن حبيش

صفحة 548 - الجزء 2

  فبعث إلى امرأته فقصّ عليها القصة، وقال: يا ابنة عمّ، إن الوالي لا يقدم إليك ولا يسلمك قومك ولو خفت عليك لما عرضتك، فألبسته ثيابها ونقابها وخمّرته، وقالت له: أقبل وأدبر ففعل، فقالت: ما أنكر منك شيئا إلّا يبسا في كتفيك، فأخرج على اسم اللّه، وأخرجت معه جاريتين لها، فخرج وعلى باب السجن أبو الوضاح بن حبيب بن بديل ومعه فتيان من أسد فلم يؤبه له، ومضى الفتيان معه إلى سكّة شبيب فمرّ بمجلس من مجالس قبيلة منهم فقال بعضهم: رجل وربّ الكعبة، وأمر غلامه فاتبعه فصاح به أبو العباس: ويلك ألا أراك تتبع هذه المرأة منذ اليوم، وأومى إليه بنعله فمر العبد مدبرا وأدخله أبو الوضاح منزله، ولما طال الأمر على السّجان نادى بالكميت، فلم يجبه فدخل ليعرف خبره فصاحت به المرأة ورآك لا أمّ لك فشق ثوبه ومضى صارخا إلى باب خالد وأخبره بالخبر، فأحضر زوجته فقال لها: يا عدوّة اللّه احتلت على أمير المؤمنين فأخرجت عدوّه لأنكلنّ بك ولأصنعن، فاجتمع بنو أسد إليه، وقالوا: ما سبيلك على امرأة منّا خدعت، فخافهم، وأقام الكميت مدّة مختفيا حتى خفّ الطلب عليه، فخرج ليلا في جماعة من أصحابه فأخذ الطريق على القطقطانية⁣(⁣١)، وكان عالما بالنجوم مهتديا بها فلما كان السحر صاح بنا هوّموا يا فتيان فهو منّا، فقام فصلّى، قال ابنه المستهل: فرأيت شخصا مقبلا فارتبت به وأعلمته، فقال: هذا ذئب قد جاء يستطعمكم فأطعموه، فجاء الذئب فربض ناحية فأطعمناه يد جزور، فتعرقها ثم اهوينا إليه بأناء فيه ماء فشربه، وارتحلنا فجعل الذئب يعوي، فقال الكميت: ما له ويله ألم نطعمه ونسقيه؟ وما أعلمني ما يريد، هو يعلمنا إنا لسنا على الطريق فتيامنوا يا فتيان، فتيامنا، فسكن عواؤه، فلم نزل نسير حتى جئنا الشام فتوارى في بني أسد وبني تميم، وأرسل إلى أشراف قريش وكان سيّدهم يومئذ عنبسة بن سعد بن العاص، فمشى بعضهم إلى بعض وأتوا إلى عنبسة، فقالوا: يا أبا خالد هذه مكرمة أتاك اللّه بها، هذا الكميت بن زيد لسان مضر كان أمير المؤمنين كتب في قتله فجاء حتى تخلص إليك وإلينا، قال: مروه أن يتعوّذ بقبر معاوية بن هشام


(١) صوابها «القطقطانة» هو موضع قرب الكوفة من جهة البريّة بالطف، به كان سجن النعمان بن المنذر، وقيل: القطقطانة بالطف بينها وبين الرهيمة مغربا نيفا وعشرون ميلا إذا خرجت من القادسية تريد الشام الفيّوم ومنه إلى قصر مقاتل ثم القريّات ثم السماوة، ومن أراد خرج من القطقطانة إلى عين التمر ثم ينحط حتى يقرب من الفيوم إلى هيت. «معجم البلدان ٤/ ٣٧٤».