[138] أبو المستهل، الكميت بن زيد بن حبيش
  فقال: اللهم اغفر للكميت، اللهم اغفر للكميت.
  قال: ودخل عليه يوما فأعطاه ألف دينار وكسوة، فقال له الكميت: واللّه ما أحببتكم للدنيا ولو أردت الدنيا لأتيت من هي في يده، ولكنني أحببتكم للآخرة، فأمّا الثياب التي أصابت أجسامكم فأقبلها لبركتها، وأمّا المال فلا أقبله فردّه وقبل الثياب.
  قال: ودخلنا على فاطمة بنت الحسين # فقالت: هذا شاعرنا أهل البيت وجاءت بقدح فيه سويق فحرّكته بيدها، وسقته الكميت فشربه، ثم أمرت له بثلاثين دينار ومركب فهملت عيناه، وقال: لا واللّه لا أقبلها إني لم أحبكم للدنيا.
  وكان خالد بن عبد اللّه القسري أمير العراق قد أنشد قصيدة الكميت التي يهجو فيها اليمن وأوّلها:
  ألا حييت عنّا يا مدينا ... نحييها وإن شطت علينا
  فقال: فعلها واللّه لأقتلنّه، ثم اشترى ثلاثين جارية بأغلى ثمن وتخيرهنّ نهاية في حسن الوجوه والكمال والأدب، وروّاهنّ الهاشميات ودسّهنّ مع نخاس إلى هشام فاشتراهنّ جميعا، فلما أنس بهنّ واستتنطقهن، رأى فصاحة وأدبا فاستقرأهنّ القرآن فقرأن، واشتنشدهن الشعر فأنشدنه قصائد الكميت، الهاشميات، فقال: ويلكن من قائل هذا الشعر؟ قلن: الكميت بن زيد قال: وفي أيّ البلاد هو؟ قلن: في الكوفة، فبعث إلى خالد أن أرسل إليّ برأس الكميت، فلم يشعر الكميت إلّا والخيل محدقة بداره، فأخذ وحبس وكان أبان بن الوليد عاملا على واسط والكميت صديقه فبعث إليه بغلامه على بغل وقال له: أنت حرّ إن لقيته والبغل لك، وكتب إليه:
  أمّا بعد فإنّه بلغني ما صرت إليه من القتل إلّا أن يدفع اللّه ø، وأرى لك أن تبعث إلى زوجتك، وكانت ممن يتشيع فإذا دخلت إليك تنقّبت بنقابها، ولبست ثيابها وخرجت، فاني أرجو أن لا يؤبه لك، فركب البغل وسار بقيّة يومه، وليلته من واسط إلى الكوفة فصبّحها فدخل الحبس متنكرا، وأخبر الكميت