نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[139] أبو إبراهيم، مالك بن الحارث بن عبد يغوث

صفحة 16 - الجزء 3

  يحضر القتال مع محمد من أصحابه إلّا ألفا فارس، وكان شجاعا شهما رئيسا، فانهزم أصحابه فاختفى في خربة فدلّت عليه عجوز كان ابنها من أصحابه، فأسروه بشرط أن يطلقوا ولدها، فأطلقوا ولدها ثم جيئ بمحمد، وقد أنهكه العطش فقيل: إن ابن العاصي لم يرد قتله، فغلبه معاوية بن حديج وضرب عنقه بيده، ثم بعثوا به إلى خربة فيها حمار ميت فأدخلوه جوفه ثم احرّقوا الحمار فحرق فيه، ¦.

  وبعث ابن حديج بقميصه الذي قتل فيه إلى عائشة ليغيضها، ثم إلى أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، أخت معاوية، فأمرت بضرب الدفّ، واجتمع بنات عثمان ونساؤه وفيهن نائلة بنت الفرافصة التي قتل عثمان عندها فلبسنه كلّهن ورقصن به، ثم أن أمّ حبيبة أمرت بكبش فسلخ وشوي وبعثت به في طبق إلى عائشة، وقالت للرسول: قل لها هكذا شوي أخوك فحلفت عائشة لا تأكل الشوي ما عاشت، وبلغ قتل محمد عليا #، فحزن ثم صعد المنبر فنعاه وترحّم عليه وقال: كان لي ربيبا، وبي حفيّا، وكنت أعدّه ولدا، ولقد كنت لهذا كارها، ولكنكم أكرهتموني على ولايته، {وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً}⁣(⁣١).

  ثم كتب للأشتر عهدا بولاية مصر، فلما بلغ ذلك معاوية وعمرا أيسا من مصر لما يعلمان من شجاعته فاعمل معاوية الحيلة، فكتب إلى دهقان العريش واسمه الجايسار، وبذل له على سمّ الأشتر المسامحة في خراجه عشرين سنة وجايزة كذا، فلما بلغ الأشتر العريش وهو أوّل بلاد مصر من جهة الحجاز جاء إليه الدهقان فأهدي إليه، ثم قال: أيّ الشراب أحبّ إلى الأمير؟ قالوا: العسل فخاضه له بالماء، وكان الأشتر صائما فلما أفطر شربه فمات ¦، فبلغ موته عليا فحزن عليه وقال: رحم اللّه مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول اللّه ÷.

  وبلغ معاوية فصعد المنبر وشمت بموته وقال: إن للّه جنودا من عسل، وخطب أهل الشام بدمشق فقال في خطبته: كان لعليّ يدان قطعت إحداهما بصفّين والأخرى بمصر، وهما عمّار بن ياسر والأشتر ®.

  وأمّا ابن أبي الحديد فروى الاختلاف في سمّه أو موته حتف أنفه وصحّح الأول وهو الحق.


(١) سورة الأحزاب: الآية ٣٨.