[142] أبو القاسم ويلقب أيضا أبا الحسن محمد بن
  علانية جاءت وقد جعل الدجى ... لخاتم فيها فصّ غالية خطّا
  غدت تنقع المسواك في برد ثغرها ... وقد ضمخت مسكا غدائرها المشطا
  فقلت أحاجيها بما في جفونها ... وما في الشفاه اللّعس من حسنها المعطى
  محيّرة الألحاظ من غير سكرة ... متى شربت ألحاظ عينيك إسفنطا
  أرى صفرة المسواك في حمرة اللّمى ... وشاربك المخضر بالمسك قد خطّا
  عسى قزح قبلته فأخاله ... على الشّفة اللمياء قد جاء مختطا
  أقول لركب يمّموا مسقط الندى ... وقد جاوز الركبان من دونك السقطا
  أفي المجد تبغي لابن معن معارضا ... ومن يوقد المصباح في الشمس قد أخطا
  إذا سار سار المجد تحت لوائه ... وليس يحط المجد إلا إذا حطا
  رفيع عماد النار في الليل للسرى ... فما يخبط العشواء طارقه خبطا(١)
  هذه طريقة تحيّر مجتازها، لو تبلّجت لزهر نيسان لما فاح ولا زها، وما زلت أروم وصال هذه البكر، وتقريبها إلى عاشق الفكر، حتى اتفق ورود السيد العالم الأديب جمال الدين علي بن أحمد بن المعصوم الحسيني(٢) من بلاد الهند وأنا بمكة المشرفة كما شرحت في ترجمته فأرسلت إليه بقصيدة عارضت هذه الغادة بها ومنها:
  أخذت عليها قبل وشك النوى شرطا ... فزاغت وحلّت مثل صبري له ربطا
  وعهدي بها لا الغدر مما احتلت به ... ولا رفعت يوما لتسمعه القرطا
  ليالي لا فودي صباح تخافه ... ينمّ إذا زارت ولا لحيتي شمطا
  إذا السقط من دون المشقر ملعب ... لنا فسقى الغيث المشقر والسقطا
  يذكرني تلك الملاعب بارق ... كما جذبت سلما عن وجهها المرطا
  وحنّانة باب الهدير سميرها ... وما ربطت مثلي بحبل الجفا قطّا
  وسامرت أسراب الدراري كأنّها ... جمان دموعي نقطت وجنتي نقطا
  صبابة من لا مرّ عنه غرامها ... ولا غيّر الجافي هواه ولا حطّا
  وبرح اشتياق صوّبته لحاظها ... عشيّة لازمّ الفؤاد له أخطا
  يهزّ الصّبا واللّين منها مكعّبا ... ومن حوله الخرصان قد نظمت سمطا
(١) وفيات الأعيان ٥/ ٤٢ - ٤٣.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ١٢٥.