نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[144] الشريف الرضي أبو الحسن، محمد بن الطاهر

صفحة 54 - الجزء 3

  ولم يسبقه أحد إلى المبالغة في برق الثغر حتى أوضح له مواضع اللثم مع حسن الاستعارة وتأمّل قول المتنبي إمام الفنّ في هذه المادة:

  تبلّ خديّ كلّما ابتسمت ... من مطر برقه ثناياها

  حتى طرق لمن يتعصب عليه إن قال إنّها كانت تبصق في وجهه، ومن شعره:

  خذي نفسي يا ريح من جانب الحمى ... فلاقي بها ليلا نسيم ربى نجد

  فإنّ بذاك الحيّ حبّا عهدته ... وبالرّغم منّي أن يطول به عهدي

  شممت بقلبي شيحة حاجريّة ... فأمطرتها دمعي، وأفرشتها خدّي

  ذكرت بها ريّا الحبيب على النّوى ... وهيهات ذا يا بعد بينهما عندي

  وإنّي لمجبول لي الشّوق كلّما ... تأوّه شاك، أو تنفّس ذو وجد⁣(⁣١)

  والقصيدة التي منها:

  ولقد حبست على الدّيار عصابة ... مضمومة الأيدي على أكبادها

  رثى بها الحسين بن علي # وهي من المعجزات ولا بأس بذكر ما سنح منها وهي:

  هذي المنازل بالغميم، فنادها ... وامنح سخيّ العين عين جمّادها

  إن كان دين للمعالم، فاقضه ... أو مهجة عند الطّلول ففادها

  يا هل تبلّ من الغليل إليهم ... إشرافة للرّكب فوق نجادها

  نؤي كمنعطف الحنيّة دونه ... شجم الخدود لهنّ إرث رمادها

  ومناط أطناب ومقعد فتية، ... تخبو زناد الحيّ غير زنادها

  ومجرّ أرسان الجياد لغلمة ... سجفوا البيوت بشقرها وورادها

  ولقد حبست على الدّيار عصابة ... مضمومة الأيدي على أكبادها

  حسرى تجاوب بالبكاء عيونها ... وتعطّ بالزّفرات من أبرادها⁣(⁣٢)

  وقفوا بها حتّى كأنّ مطيّهم ... كانت قوائمهنّ من أوتادها

  ثمّ انثنت، والدّمع ماء مزادها ... ولواعج الأشجان من أزوادها


(١) كاملة في ديوانه - ط صادر ١/ ٣٨٩.

(٢) تعط: تشق. أبرادها: ثيابها، الواحد برد.