الحسني الصنعاني
  لم ينزلوني منزلي المعروفا ... وقد رجحت فيهم ألوفا
  مدينة قليلة الخيرات ... وأهلها بالجهل كالأموات
  أسعارها غالية عزيزه ... والحبة الحمرا بها إبريزه
  تراهم في سوقها أفواجا ... كأنهم لحبها دجاجا
  والماء فيها شاسع المنال ... ينال بالحبال والرجال
  لا دجن يرى بها ولا نهر ... ولا كمام للربى ولا ثمر
  وربما يرى بها الشعير ... يأكله سكانها الحمير
  ولا شعوب شاقني ولا نقم ... أدخلت ..... (١) حرم
  ولا سناع السوء والمحاقره ... وزبطان فهو منها فاقره
  ومذبح الشؤم ولا عطان ... منازل يأوى به الشيطان
  وحدة وماؤها حميس ... وهو الذي في مذهبي خسيس
  ومن يرى غبرة دار سالم ... ولم يذم عد في البهائم
  ودار سلم عندها والجردا ... جردها رب السماء جردا
  وبيت بوس ثم بيت حنبص ... أهل الوجوه الموحشات الرخص
  وقد ذكرت الآن حاقر أمه ... وما عليّ واجبا من شتمه
  كأنه أير الحمار القائم ... وحوله أكامه البهائم
  وإن نظرت في الجبال ضينا ... حسبته ما بيننا مأبونا
  موليا بالإليتين نحوها ... لأير جربان القويم دلها
  وصرف بدمه ما أحرى ... كأحدب غار العمان بحرا
  وإن ترجّ سفح صنعا للعلف ... أشبهت من يبغى اللآلي بالصدف
  التبن في العزة مثل الكيميا ... يناله من حاز علم السيميا
  فمن يمّون فرسا أو عيرا ... يقصيهما ثم يسير سيرا
  وإن يكن في ملك شخص بقره ... لبطنها من التراب قرقره
  إن أبصرت في دهرها قوس قزح ... كادت تطير نحوها من الفرح
  تحسبه وسط السماء قضبا ... لكنها لا تستطيع الوثبا
  صاحبها يعدها خزانه ... وأستها في البيت جبّخانه
  لأن ما يجمع من أشياها ... تجعله المرأة في خباها
(١) بياض في نشر العرف.