[145] الشيخ بهاء الدين، محمد بن الحسين بن عبد
  وتوضيحه بالفرض المشهور الذي خالف فيه الشيخ أبا نصر الفارابي وهو أن زيدا الا يركب بالفعل إلا الفرس فيصدق كل حمار مركوب زيد بالإمكان، فكل مركوب زيد فرس ولا يصدق كل حمار فرس بالإمكان، لأن كل ما هو مركوب زيد بالفعل أصلا، والأشكال الأربعة التي يتركب منها القياس المنتج للبرهان اليقيني والظّني بالفعل في الشكل الأول، وبالقوّة في الثلاثة الأخر، لإرجاعها إليه ومثال الشكل الأول قولنا العالم مؤلف وكل مؤلف حادث، فالعالم حادث، ويسمى الجزء الأوّل موضوعا وعند النجاة جملة إسميّة وكلام يصحّ السكوت عليه، ويسمى الجزء الثاني محمولا لحمله على الأوّل، وعند النحاة كذلك، ولفظ مؤلف المكرّر أوسط، لتوسطه بين جزئي المطلوب وهو النتيجة، ويسمّى الجزء الأول أيضا أصغر، لأنّه أخصّ غالبا والأخص أقل أفرادا، والجزء الثاني أكبر لأنّه أعمّ والأوسط إن كان محمولا في الصغرى موضوعا في الكبر فهو الشكل الأوّل. ومن خواصّه انتاج الأربع المحصورات الموجبة الكلية وسالبتها، والموجبة الجزئية وسالبتها، وترتيبها هنا بحسب شرفها على الصحيح لا يقال الإيجاب الجزئيّ من حيث هو إيجاب أفضل من السلب الكلي من حيث هو سلب، لأن ماهية الكليّ أفضل من الجزئيّ لشموله وكونه مدركا للعقل ولأنه أنسب بقواعد الميزان فشرف بهذا الاعتبار على إيجاب الجزئيّ الذي لا يفيد الكمال.
  ومن هذا قال بعض الأوائل: إن علم اللّه للجزئيّ غير مفيد للكمال فلا يتصف بعلمه والحق سواه لقوله تعالى: {وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها}(١).
  وإذا كان الأوسط محمولا في الطرفين فهو الشكل الثاني. وإذا كان موضوعا فيهما فهو الشكل الثالث، وإن كان موضوعا في الصغرى محمولا في الكبرى فهو الرابع، وهو أبعدها عن الطبع، والثلاثة ترتدّ إلى الأوّل لأن انتاجها غير يقيني، والأوسط منها إنّما هو أوسط بالقوة لا بالفعل، قال: فليس لها رسم وليس لها حدّ التوجيه ظاهر، والرسم تعريف الشيء بعارض من عوارضه العامة عند القدماء والخاصة عند الجميع، فالأول كتعريف الإنسان بالماشي، والثاني
(١) سورة الأنعام: الآية ٥٩.