[147] السيد محمد بن الحسين بن يحيى بن أحمد
  وما الدهر أهل أن تؤمّل عنده ... حياة وأن يشتاق فيه إلى النسل
  وكان خرج هو وأخوه لطف اللّه إلى الإمام لرجاء النيل، ومدحه بقصائد لو رآها لشمّر ذيله وولّى فرقا الليل، فأمّا أخوه فأصابه من ذلك الرجاء عارض من السوداء، ألبسه به من الخبال بردا، وأمّا هو فتوجه بعمل وهو طرد بني إسرائيل فبلي بداء أيوب وحزن يعقوب وسلّماه إلى يد عزرائيل، فقال أبوهما الحسين وهو من مصاب ولديه سخين عين:
  ابناي قد زارا إمام الهدى ... إمامنا ذا الرتب العالية
  لم يظفرا منه بما أمّلا ... إلّا ذهاب العقل والعافية(١)
  ومن شعره السلسال الذي رقّ فكاد أن يكون من عالم المثال:
  رنت وتثنّت في غلالتها الزرقا ... فثنّت على عشّاقها البيض والزرقا
  وما كنت ممن يعرف العشق إنما ... دعتني اللحاظ السود أن أعشق العشقا
  على أنّه قد أصبح النّوم باطلا ... على حبها والسحر من طرفها حقّا
  توهمت أن الشمس تحكي جمالها ... فأبدت ثناياها وطلعتها فرقا
  وألقى إليها البدر قولا بأنه ... نظير لها في الحسن يا بعد ما ألقى
  علقت بدرّ الثغر منها فمذ نأت ... سبكت نظاما مثل مبسمها علقا
  تبسّم عجبا من حنيني وعبرتي ... فتنظر منها الغيث والرعد والبرقا
  لئن دق معنى الحسن فيها كخصرها ... فمعنى نظامي من لطافتها رقا
  فعقد نظامي قد حكى عقد نحرها ... وقد أشبها درّ المدامع إذ رقا
  فسقت عقود النظم في وصفها كما ... أجاد الحسين الندب في نظمه النسقا
  ومنها:
  لئن صار في هذا الزمان مؤخرا ... فإن له في حلبة الشرف السبقا
  ولا غرو أن حاز الفخار فإنّه ... لمن ملك أبقى من المجد ما أبقى
  فداه أناس أن يهونوا على الورى ... فبذل الندا فيهم أعز من العنقا
  بنى للعلا بيتا مشيدا مؤسسا ... كأهرام مصر لا يخاف له محقا
(١) نشر العرف ٢/ ٦٠٧.