[151] الشريف أبو عبد الله محمد بن صالح
  الساج لأنّه خاف على نفسه من أبي الساج، ولكّنه استوثق له فقيّده أبو الساج، ثم حمله إلى سرّ من رأى فحبس بها مدّة ثم أطلق وأقام بها سنينا حتى مات(١).
  قال أبو الفرج: حدثني محمّد بن خلف عن أحمد بن أبي خيثمة: انه حبس ثلاث سنين ثم أطلق، وأقام حتى مات بالجدري، وقال شعره المشهور في الحبس وهو:
  طرب الفؤاد وعاده أحزانه ... وتشعبت شعبا به أشجانه
  وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألّق موهنا لمعانه
  يبدو كحاشية الرّداء ودونه ... صعب الذّرا متمنع أركانه
  فدنا لينظر كيف لاح فلم يطق ... نظرا إليه وردّه سجّانه
  فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه
  ثم استعاذ من القبيح وردّه ... نحو العزاء عن الصّبا إيقانه
  وبدا له أن الذي قد ناله ... ما كان قدّره له ديّانه
  حتى استقرّ ضميره وكأنما ... هتك العلائق عامل وسنانه(٢)
  يا قلب لا يذهب بحلمك باخل ... بالنّيل باذل تافه منّانه
  يعد القضاء وليس ينجز موعدا ... ويكون قبل قضائه ليّانه(٣)
  خدل الشّوى حسن القوام مخصّر ... عذب لماه طيّب أردانه(٤)
  واقنع بما قسم الإله فأمره ... ما لا يزال على الفتى إتيانه(٥)
  وهذه من أحسن الشعر القديم وهي جيّدة مائسة الأعطاف في المحاسن وهي إحدى المائة الصوت المختارة للأغاني.
(١) مقاتل الطالبيين ٦٠٠ - ٦٠١، الأغاني ١٦/ ٣٨٩.
(٢) العامل من الرمح: صدره وهو ما يلي السنان.
(٣) ليّانة: إخلاف موعده، وهو مصدر لواه بحقه: إذا ماطله.
(٤) الخدل العظيم الممتلئ. والخدل من النساء: الغليظة الساق المستديرتها، وجمعها خدال (اللسان: مادة خدل ج ١١ ص ٢٠١) - الشوى: الأطراف، اليدان والرجلان ونحو ذلك - اللمى:
سمرة أو سواد في باطن الشفة يستحسن.
(٥) الأغاني ١٦/ ٣٨٩ - ٣٩٠، مقاتل الطالبيين ٦٠١، تجريد الأغاني ١٧٧٤، مختار الأغاني ١٠/ ٢٨٩، عمدة الطالب ١٢٦، أنوار الربيع ٤/ ٩١، ١٤٤، الوافي بالوفيات ٣/ ١٥٥، الحماسة البصرية، فوات الوفيات ٢/ ٤٤٠، شعره القطعة رقم ١٣.