وقال أبو الفرج: حدثني عمّي، قال حدثني أحمد بن أبي طاهر، قال:

  كنت مع أبي عبد اللّه محمد بن صالح الحسني في منزل بعض أصحابنا فأقام عندنا حتى انتصف الليل، وأنا أظنه يبيت بمكانه فإذا هو قد قام فتقلّد سيفه ثم خرج، فأشفقت عليه من خروجه في ذلك الوقت وسألته المبيت وأعلمته خوفي عليه فالتفت إليّ متبسما وقال:

  إذا ما اشتملت السيف والليل لم أبل ... بشيء ولم تفزع فؤادي الفوازع⁣^(⁣١)

  وقال أيضا: أخبرني عمّي والحسين بن القاسم، قالا: حدثنا أحمد بن أبي طاهر، قال: مرّ محمد بن صالح بقبر بعض ولد المتوكل فرأى الجواري يلطمن عنده فأنشدني لنفسه:

  رأيت بسامرّا صبيحة ليلة ... عيونا تروق الناظرين فتورها

  تزور العظام الباليات لدى الثّرى ... تجاوز عن تلك العظام عفورها

  فلو لا قضاء الله أن تعمر الثرى ... إلى أن ينادى يوم ينفخ صورها⁣^(⁣٢)

  لقلت عساها أن تعيش وأنها ... ستنشر من جرّا عيون تزورها

  أسيلات مجرى الدمع مهمى تهلّلت ... شؤون المآقي ثم سحّ مطيرها

  بوبل كأتوام الجمان تفيضه ... على نحرها أنفاسها وزفيرها

  فيا رحمة ما قد رحمت بواكيا ... ثقالا تواليها لطافا خصورها⁣^(⁣٣)

  قال: وحدثني الحسن بن علي، قال: حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه - قال: حدثني إبراهيم بن المدبّر، قال: جاءني محمد بن صالح الحسني فسألني أن أخطب عليّة بنت عيسى بن موسى بن أبي خالد الحرّاني أو أخته - شك ابن مهرويه - ففعلت ذلك فصرت إلى عيسى فسألته أن يجيبه فأبى، وقال:

  إني لا أكذبك واللّه أني لا أردّه، لأني أعرف أشرف لمن أصاهره منه، ولكني أخاف المتوكل وولده بعده على نعمتي ونفسي فرجعت إليه فأخبرته بذلك،

(١) مقاتل الطالبيين ٦٠٢، الأغاني ١٦/ ٣٩١، مختار الأغاني ١٠/ ٢٩٥، شعره / القطعة ٩.

(٢) الصور: البوق، القرن ينفخ فيه.

(٣) مقاتل الطالبيين ٦٠٢ - ٦٠٣، الأغاني ١٦/ ٣٩١، شعره / القطعة ٧.